ومثال ذلك ما توهمه بعضهم بأن السجود لغير الله لا يكون كفرًا إلا إذا اعتقد الربوبية فيمن سجد له. والصحيح أن السجود لغير الله شرك يناقض توحيد العبادة، وإذا انضم إلى ذلك اعتقاد الربوبية فيمن سجد له، فهذا شرك في الربوبية، وليس الشرك محضور في اعتقاد الربوبية بالمسجود له.
ومنهم من قال: إن السجود للصنم أو الشمس ونحوهما علامة الكفر وإن لم يكن في نفسه كفر. وهذا ليس بصحيح، بل السجود للصنم أو الشمس في حد ذاته كفر وشرك بالله تعالى في العبادة، فهو خضوع ورجاء وتذلل لغير الله تعالى، ولا تقوم عبودية الله تعالى إلا بتحقيق السجود له سبحانه، كما قال تعالى:(لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ).
ثم إن هذه الأعمال ـ السجود والركوع والطواف بغير بيت الله والذبح والنحر والنذر ـ فيها تشبيه المخلوق الضغيف العاجز بالخالق القدير القوي سبحانه. وقد سبق معنا: أن أصل الشرك هو التشبيه والتشبه كما ذكره ابن القيم ـ رحمه الله ـ في عدة من كتبه، وذكره المقريزي في تجريد التوحيد المفيد.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: (فإنا بعد معرفة ما جاء به الرسول نعلم بالضرورة أنه لم يكن يشرع لأمته السجود لميت، ولا لغير ميت ونحو ذلك،