يجاب عن هذه الشبهة في تشبثهم بكلمة الواسطة بما يلي:
١ - إن المتصوفة في تشبثهم بكلمة الواسطة ملبسون ومدلسون، حيث إنهم خلطوا الباطل بالحق، فإن كون الأنبياء عليهم الصلاة والسلام واسطة بين الله وبين سائر الناس، يحتمل معنى حقاً ومعنى باطلاً؛ فمن أراد أنهم واسطة في تبليغ أوامر الله ونواهيه، وبيان دينه وشرعه، وتوضيح ما يحبه الله ويرضاه، وما يكرهه، فهذا معنى حق وصواب. وإن أراد بالواسطة أن الأنبياء والأولياء واسطة بين العباد وبين رب العباد في جلب المنافع ودفع المضار، والرزق، والنصر، والإغاثة، وكشف الكربات؛ فهذا من أعظم الشرك بالله الذي كفّر الله به المشركين.
ولشيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ كلام نفيس في هذا المجال أريد أن أنقل منه مقتطفات. قال ـ رحمه الله ـ بعد أن أثبت بأن الأنبياء والرسل واسطة بين الله وبين الخلق في تبليغ الرسالة بكل ما تحمله هذه العبارة من العقائد والعبادات والأحكام الشرعية بشتى أنواعها، قال رادًا على الذين يزعمون بأن الأنبياء والأولياء والصالحين وسائط بين الله وبين خلقه في دفع المضار وجلب المنافع: (وإن أراد بالواسطة أنه لابد من واسطة في جلب المنافع ودفع المضار مثل أن يكون واسطة في رزق العباد ونصرهم وهداهم يسألونه ذلك ويرجعون إليه فيه، فهذا من أعظم الشرك الذي كفر الله به المشركين، حيث اتخذوا من دون الله أولياء وشفعاء، يجتلبون بهم المنافع، ويدفعون بهم المضار. لكن الشفاعة لمن يأذن الله له فيها حق، قال الله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ