الذين ماتوا مثل عزير ومريم فلا تشملهم ـ ففيه نظر؛ لأنه يمكن أن يقال: إن الآية تذكر صفتهم في حال حياتهم فقد كانوا يتقربون إلى الله تعالى، ويمكن أن يقال أيضاً: إنهم لا زالوا يتقربون كما ورد أن موسى يصلي في قبره، وأما الرجاء والخوف فلا ينقطع إلا بعد دخول الجنة يوم القيامة.
فتبين بهذا أن الآية في المعبودين من العقلاء بدون تخصيص صنف دون صنف. وقد اتفقت أقوال المفسرين على أن هذه الآية في المدعوين العقلاء وليست في الأصنام: يقول الرازي: (وليس المراد: الأصنام، لأنه تعالى قال في صفتهم: (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ)، وابتغاء الوسيلة إلى الله تعالى لا يليق بالأصنام ألبتة).
ومما يدل على أن المشركين الذين نزل فيهم القرآن يعبدون غير الأصنام ما بينه الله سبحانه وتعالى في كتبه من الشرك بالملائكة، والشرك بالأنبياء، والشرك بالصالحين، والشرك بالكواكب، والشرك بالأصنام، والشرك بالجن، وأصل ذلك كله الشرك بالشيطان. وقد سبق معنا بيان أنواع الشرك التي كانت موجودة في الجاهلية، واستدللنا لكل هذه الأنواع من الشرك بدلالات من القرآن والسنة ومن أخبار العرب وتاريخهم بما لا مزيد عليه.