(وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ)، ولهذا قال:(حُنَفَاءَ) أي متحنفين عن الشرك إلى التوحيد كقوله: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ). قوله:(وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ) وهي أشرف عبادات البدن (وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ) وهي الإحسان إلى الفقراء والمحاويج (وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) أي الملة القائمة العادلة أو الأمة المستقيمة المعتدلة. وقد استدل كثير من الأئمة بهذه الآية الكريمة على أن الأعمال داخلة في الإيمان ولهذا قال:(وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ).
فهذه الآيات الكريمات كلها تدل على أهمية الإخلاص وتدل على أنه يجب على كل إنسان أن يحققه في عبادته لربه، لتكن عبادته مقبولة عند الله ـ تعالى ـ، والقرآن الكريم عند ما يطلق اسم الإخلاص لا يريد به التوجه إلا الله في عمل من الأعمال، بل المقصود به أن يتوجه المكلف بأعماله كلها إلى الله وحده دون سواه، فلا يقصد بعبادته ملكًا مقربًا ولا نبيًا مرسلاً ولا يعبد شجرًا ولا حجرًا ولا شمسًا ولا قمرًا، فالإخلاص يعني أن يتوجه بالأعمال القلبية لله وحده، كما يتوجه بالأعمال الظاهرة، والإخلاص هو الدين الذي بعث الله به الرسل جميعًا، فكان محور دعوتهم ولبها، وهو الدين الذي طالبت به الرسل الأمم التي أرسلت إليها (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ)، وطالما أن للإخلاص هذه الأهمية في القرآن فإنه ينبغي أن نعرف أهميته من السنة النبوية: