للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيره.

وبهذا يتبين: أن شرك العبادة ليس شركًا اعتقاديًا يستلزم أن يكون المعبود عند من عبده مستحقًا للعبادة من دون الله، وإنما شرك في إرادة غير الله بالعبادة، ولو كان من تحقق منه ذلك معتقداً أن الله هو الذي يستحق العبادة، وإنما يصرفها لغيره على جهة التوسط إلى الله لكان بذلك مشركًا به، سواءً كان ذلك التوسط بالشفاعة عنده في قبول العبادة، أو في قبول الشفاعة مطلقًا، أو رجاء نفع المعبود مع اعتقاد أنه ليس له التدبير والتصريف، وأن ذلك كله لله، لكن لجاه المعبود في ذلك ـ بحسب ظن المشرك ـ صرف له العبادة التي هي حق الله الخالص.

فعلى هذا: (كما يكون الشرك بالاعتقاد، كذلك يكون بالإرادة والعمل، ولا فرق). فلا يحتاج إلى اشتراط مصاحبة اعتقاد الألوهية أو استحقاق العبودية لمن يعبده لكونه شركًا.

الآثار المترتبة على الخطأ في معرفة حقيقة الشرك عند المتأخرين:

لقد نتج عن سوء فهمهم لحقيقة الشرك مفاسد عظيمة، منها:

١ - كل ما لا يؤدي إلى الشرك في الربوبية، والخلق والتدبير، والإحياء والإماتة، وكل ما لا يؤدي إلى اعتقاد التأثير لغير الله بالاستقلال فيه بالنفع والضر، ونفوذ المشيئة، وكل ما لا يصاحبه اعتقاد الألوهية واستحقاق العبودية لغير الله لا يكون شركًا ـ عندهم ـ ولو كان سجودًا أو استغاثة أو نذرًا أو ذبحًا، أو غيرها.

٢ - محاولة تغيير بعض الحقائق الشرعية لما رأوا أنها تسمى شركًا في

<<  <  ج: ص:  >  >>