للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُسْتَقِيمٍ).

هذان المثلان ضربهما لنفسه ولما يعبد من دونه، قال مجاهد: (ضرب الله هذا المثل والمثل الآخر بعده لنفسه وللآلهة التي من دونه).

والمثل الأول هو قصة عبد في ملك غيره عاجز عن التصرف وحر غني متصرف فيما آتاه الله، فإذا كان هذان المثلان لا يستويان عندكم مع كونهما من جنس واحد مشتركين في الإنسانية فكيف تشركون بالله وتسوون به من هو مخلوق له مقهور بقدرته من آدمي وغيره مع تباين الأوصاف وأن الله لا يمكن أن يشبهه شيء من خلقه ولا يمكن لعاقل أن يمثل به غيره ... ؟ .

والمثل الثاني كذلك مضروب لله لما يعبد من دونه، وهي أصنام لا تسمع ولا تنطق؛ لأنها إما من خشب أو نحاس أو حجر وغيره، ولا تجلب خيراً ولا تدفع شرًا، ثم هي عيال على عابديها تحتاج لمن يحملها ويخدمها كالأبكم من الناس الذي لا يقدر على شيء فهو كلٌ على أوليائه من بني أعمامه وغيرهم وحيثما وجهوه لا يأت بخير، لأنه لا يفهم ولا يفهم عنه، وهكذا الصنم لا يعقل ما يقال له، ولا ينطق فيأمر وينهى، فهل يستوي هذا الأبكم بصفاته السابقة ومن هو ناطق متكلم بأمر الحق، ويدعو إليه؟ .

فإذا كانا لا يستويان فكذلك لا يستوي الصنم مع الله الواحد القهار الداعي عباده إلى توحيده وطاعته، فهذا مثل إله الباطل وإله الحق. وبه قال قتادة ومجاهد، وكذلك قال به ابن القيم وبين أن هذين المثلين أوضح عند

<<  <  ج: ص:  >  >>