وللقلب الذي يريد أن يضله فقال تعالى:(فَمَن يُرِدِ اللهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ).
يبين تعالى أن من اراد الله هدايته إلى الإيمان به وبرسوله صلى الله عليه وسلم وبما جاء به من عند ربه ويوفقه لذلك، يفسح صدره للإيمان ويهونه ويسهله له بلطفه ومعونته حتى يستنير الإيمان في قلبه فيضيء له ويتلقاه صدره بالقبول.
ومن أراد إضلاله عن سبيل الهدى يجعل صدره حرجًا بخذلانه وغلبة الكفر عليه، والحرج: أشد الضيق، وهو الذي لا ينفذ إليه شيء من شدة ضيقه، وهو هنا القلب الذي لا تصل إليه الموعظة ولا يدخله نور الإيمان لرين الشرك عليه، وضيق مشاربه فلا يدخل الإيمان، وهو في ذلك كالحرجة: وهي الشجرة الملتف بها الأشجار الكثيفة فلا يدخل إليها شيء لشدة التفاف الأشجار بها.
وقوله تعالى:(كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء): الصعود هو الطلوع إلى أعلى، فشب الله تعالى الكفار في نفوره من الإيمان وثقله عليه بمنزلة من تكلف ما لا يطيقه كما أن صعود السماء لا يطاق؛ لأن صعود السماء مثل فيما يمتنع على بني آدم ويبعد عن الاسطاعة وتضيق عنه المقدرة.
قال ابن جريج:(حرجًا بلا إله إلا الله لا يجد لها في صدره مساغاً)، وقال الطبري: (وهذا مثل من الله ـ تعالى ذكره ـ ضربه لقلب هذا الكافر في شدة تضييقه إياه مثل امتناعه من الصعود إلى السماء وعجزه عنه؛ لأن ذلك ليس في