للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ: (شبههم في إعراضهم ونفورهم عن القرآن بحمر رأت الأسد أو الرمات ففرت منه، وهذا من بديع القياس والتمثيل؛ فإن القوم في جهلهم بما بعث الله به رسوله كالحمر وهي لا تعقل شيئًا، فإذا سمعت صوت الأسد أو الرمي نفرت منه أشد النفور، وهذا غاية الذم لهؤلاء، فإنها لشدة نفورها قد استنفر بعضها بعضًا وحضه على النفور، فإن في الاستفعال من الطلب قدرًا زائدًا على الفعل المجرد، فكأنها تواصت بالنفور وتواطأت عليه).

وكذلك شبه الله تعالى: المؤمن الموحد بالسميع والبصير، وشبه الكافر بالأصم والأبكم والأعمى وذلك لتعطيل حواسه وعدم الاستفادة منها.

فعن ابن عباس ومجاهدك أن الأعمى الأصم الأبكم هو الكافر وأن السميع البصير هو المؤمن؛ لعدم إيصار الكافر للحق والهدى واستماعه له، وإبصار المؤمن ذلك واستماعه له، قال قتادة: (هذا مثل ضربه الله للكافر والمؤمن، فأما الكافر فصم عن الحق فلا يسمعه وعمي عنه فلا يبصره، وأما المؤمن فسمع الحق وانتفع به وأبصره).

وقال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: (وجعل أحد الفريقين كالأعمى والبصير من حيث كان قلبه أعمى عن رؤية الحق أصم عن سماعه فشبهه بمن بصره أعمى عن رؤية الأشياء وسمعه أصم عن سماع الأصوات. والفريق الآخر بصير القلب سميعه، كبصير العين وسميع الأذن، فتضمنت الآية قياسين وتمثيلين للفريقين، ثم نفى التسوية عن الفريقين بقوله: (هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا).

<<  <  ج: ص:  >  >>