والمثل هنا إنما هو للأعمال، ولكن الله تعالى قال:(مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ) حيث قدم الاسم على الخبر؛ (لأن العرب تقدم الأسماء لأنها أعرف، ثم تأتي بالخبر الذي تخبر عنه مع صاحبه، والمعنى مثل أعمال الذين كفروا بربهم كرماد).
قال ابن كثير:(هذا مثل ضربه الله تعالى لأعمال الكفار الذين عبدوا معه غيره وكذبوا رسله وبنوا أعمالهم على غير أساس صحيح فانهارت وعدموها أحوج ما كانوا إليها).
وقال ابن القيم ـ رحمه الله ـ:(فشبه تعالى أعمال الكفار في بطلانها وعدم الانتفاع بها برماد مرت عليه ريح شديدة في يوم عاصف، فشبه سبحانه أعمالهم ـ في حبوطها وذهابها باطلاً كالهباء المنثور لكونها على غير أساس من الإيمان والإحسان وكونها لغير الله الله عز وجل وعلى غير أمره ـ برماد طيرته الريح العاصف فلا يقدر صاحبه على شيء منه وقت شدة حاجته إليه، فلذلك قال: (لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ) لا يقدرون يوم القيامة مما كسبوا من أعمالهم على شيء، فلا يرون له أثرًا من ثواب ولا فائدة نافعة، فإن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً لوجهه موافقًا لشرعه ... وفي تشبيهه بالرماد سر بديع؛ وذلك للتشابه الذي بين أعمالهم وبين الرماد في إحراق النار وإذهابها لأصل هذا وهذا، فكانت الأعمال التي لغير الله وعلى غير مراده طعمة للنار وبها تسعر النار على أصحابها، وينشئ الله سبحانه لهم من أعمالهم الباطلة نارًا وعذاباً،