للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جرير الطبري: (إن الصواب من القول من ذلك عندي قول من قال: عني بالمنكر ... خذوفهم من مر بهم وسخريتهم منه).

وعلى كلٍ: قد أتوا من الفواحش التي ما سبقهم بها أحد من العالمين، فدعاهم أخوهم لوط إلى الله عز وجل، ونهاهم عن فعل الفاحشة، وإتيان المنكر في ناديهم، فما كان جواب قومه على هذه الدعوة الخالصة والنصيحة المشفقة إلا الصدود والإعراض عن دعوته، بل هددوه بالإخراج من قريتهم، وقالوا له: (لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ)، وبينوا السبب بقولهم: (إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ)؛ أي أنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويدعون إلى توحيد الله وعدم الإشراك به، وينكرون علينا إتيان الذكران من العالمين، ويجتنبون الفواحش والبغي والإثم.

فأعلن لوط البراءة منهم، وقال: (إِنِّي لِعَمَلِكُم مِّنَ الْقَالِينَ)، وقال لما نفذ صبره: (رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ)، ودعا الله عز وجل أن ينجيه وأهله مما يعملون، فنجاه الله وأهله أجمعين، إلا امرأته فإنها كانت على دين قومها، وكانت تخونه وتدلهم على أضيافه، فكانت من الغابرين؛ أي الباقين في العذاب، فلما أراد الله عز وجل إهلاكهم أرسل الله إليهم جندًا من الملائكة ليرسلوا عليهم حجارة من طين مسومة عند ربك للمسرفين. قال تعالى: (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>