إبراهيم عليه السلام بالدعوة إليه تعالى عند الخلق قاطبة، فلم يذكر على لسان لوط عليه السلام التصريح بالدعوة إلى توحيده استغناءً بما قام به إبراهيم عليه السلام، وإنما ذكر ما اختص به لوط عليه السلام من المنع عن الفاحشة وغيرها، وأما غيره من الرسل الذي جاء الخبر عنهم صريحًا بالدعوة إلى توحيد الله تعالى، فلأنهم جاؤوا بعد انقراض من كان يعبد الله عز وجل ويدعو إليه سبحانه، فلذلك دعا كل منهم إلى عبادة الله تعالى.
والذي أميل إليه: أن لوطًا عليه السلام أمر قومه بعبادة الله تعالى، ونهاهم عن الشرك؛ بدلالة سياق الآيات، وبالنظر أيضًا إلى الأصول المشتركة بين الأنبياء عليهم السلام في الدعوة إلى الله تعالى، ثم إن الحق تبارك وتعالى نفى الإيمان عمن أهلك من قوم لوط حال إهلاكهم، فقال:(فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٣٥) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ)، ومعلوم أن المعاصي لا تخرج الناس من الإيمان؛ فلم يبق إلا أن نقول أنهم كانوا مشركين بالله، أو كانوا كافرين.
وقال شيخ الإسلام في موضع آخر: إنهم ـ أي قوم لوط ـ كانوا مشركين إلى جانب إتيان الفاحشة؛ حيث قال:(فكان في قوم لوط مع الشرك إتيان الفواحش التي لم يسبقوا إليها).
وقال أيضًا:(وقال ـ أي الله جل وعلا ـ في قوم لوط: (وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ)، وكانوا كفارًا، من جهات: من جهة استحلال