للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦ - ومما كان في معتقداتهم: إنكار التدخل من قبل شعيب في أمور دنياهم كما أنكروا عليه التدخل في أمور دينهم، فقالوا: (أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ).

يروى عن ابن عباس أنه قال: كان شعيب نبياً ورسولاً من بعد يوسف، وكان من خبره وخبر قومه ما ذكر الله في القرآن: (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ)، فكانوا ـ مع ما كان فيهم من الشرك ـ أهل بخس في مكايلهم وموازينهم، مع كفرهم بربهم وتكذيبهم نبيهم، وكانوا قومًا طغاة بغاة، يجلسون على الطريق فيبخسون الناس أموالهم حتى يشترونه، وكان أول من سن ذلك هم، وكانوا إذا دخل عليهم الغريب يأخذون دراهمه ويقولون: دراهمك هذه زيوف فيقطعونها ثم يشترونها منه بالبخس، يعني بالنقصان، فذلك قوله: (وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا).

وكانت بلادهم بلاد ميرة يمتار الناس منهم، فكانوا يقعدون على الطريق فيصدون الناس عن شعيب ويقولون: لا تسمعوا منه، فإنه كذاب يفتنكم، فذلك قوله: (وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ) الناس إن اتبعتم شعيباً فتنكم ـ ثم إنهم تواعدوه فقالوا: يا شعيب لنخرجنك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا، أي إلى دين آبائنا، فقال عند ذلك: (وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ). قال ابن عباس: كان حليمًا صادقًا وقورًا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر شعيبًا يقول: ((ذلك خطيب الأنبياء))؛ لحسن مراجعته قومه فيما

<<  <  ج: ص:  >  >>