للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلام، فصار عجلاً حيًا له خوار، ثم قال لهم: هذه إلهكم وإله موسى، فنسي، فاستخف القوم فأطاعوه وعبدوا العجل، فقام هارون عليه السلام ينصحهم ويحذرهم عاقبة شركهم ويقول لهم: (يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (٩٠) قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى).

فهذا الشرك وعبادة العجل من دون الله إنما هو من تلاعب الشيطان بهم، فإنهم قد شاهدوا ما حلَّ بالمشركين من العقوبة، وأخذ الرابية، ونبيهم حي لم يمت، هذا وقد شاهدوا صانعه يصنعه ويصوغه ويصليه النار، ويدقه بالمطرقة ويسطو عليه بالمبرد، ويقلبه بيديه ظهرًا لبطن.

قال ابن القيم: (ومن عجيب أمرهم: أنهم لم يكتفوا بكونه إلههم حتى جعلوه إله موسى فنسبوا موسى عليه السلام إلى الشرك وعبادة غير الله تعالى بل عبادة أبلد الحيوانات وأقلها دفعا عن نفسه بحيث يضرب به المثل في البلادة والذل فجعلوه إله كليم الرحمن، ثم لم يكتفوا بذلك حتى جعلوا موسى عليه السلام ضالا مخطئا فقالوا: فنسي

قال ابن عباس: (أي ضل وأخطأ الطريق)، وفي رواية عنه أي إن موسى ذهب يطلب ربه فضل ولم يعلم مكانه

وعنه أيضا نسى أن يذكر لكم أن هذا إلهه وإلهكم وقال السدى: أي ترك موسى إلهه ههنا وذهب يطلبه وقال قتادة: أي إن موسى إنما يطلب هذا ولكنه نسيه وخالفه في طريق آخر.

هذا هو القول

<<  <  ج: ص:  >  >>