٥ - وأيضًا من هذا النوع شرك كثير ممن كان يشرك بالله بالكواكب العلويات، ويجعلها أربابًا مدبرة لأمر هذا العالم، كما كان شرك قوم نوح على قول، وشرك مشركي الصابئة من قوم إبراهيم باتفاق العلماء.
٦ - وأيضًا يدخل في هذا النوع شرك عباد الشمس وعباد الناس وغيرهم؛ الذين عبدوا غير الله معه، وزعموا في الله أنه إله من جملة الآلهة، أو أنه أكبر الآلهة.
٧ - ومن هذا الصنف: الثنوية من المجوس الذين قالوا: الصانع اثنان: ففاعل الخير نور، وفاعل الشر ظلمة، وهما قديمان، لم يزالا، ولن يزالا قويين حساسين، مدركين، سميعين، بصيرين، وهما مختلفان في النفس والصورة، متضادان في الفعل والتدبير، فالنور فاضل حسن نقي، طيب الريح، حسن المنظر، ونفسه خيره كريمة، حكيمة نفاعة، منها الخيرات والمسرات والصلاح، وليس فيها شيء من الضرر ولا من الشر.
والظلمة ضد ذلك؛ من الكدر والنقص ونتن الريح وقبح المنظر، ونفسها نفس شريرة بخيلة سفيهة منتنة مضرة، منها الشر والفساد.
ثم اختلفوا: فقالت طائفة: إن النور لم يزل فوق الظلمة.
وقالت فرقة: بل كل واحد منهما إلى جانب الآخر.
وقالت فرقة: النور لم يزل مرتفعًا في ناحية الشمال، والظلمة منحطة في الجنوب، ولم يزل كل واحد منهما مباينًا لصاحبه.