للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجمع بعض العرب بين عبادة الله عز وجل وعبادة الأوثان في وقت واحد، وآمنوا بأن المولى سبحانه وتعالى أعظم من أوثانهم، فقال شاعرهم:

وباللات والعزى ومن دان دينها ... وبالله إن الله منهن أكبر

والمقصود: أن العرب كانوا في شركهم على أصناف شتى، ويمكن تصنيف هؤلاء على صنفين:

الصنف الأول: المشركون في الربوبية.

الصنف الثاني: المشركون في الألوهية أو العبادة، وفيما يلي بيان هذين الصنفين:

الفرع الأول: في بيان شرك الربوبية لدى العرب:

سبق معنا في الباب الأول بيان المقصود بالشرك في الربوبية بأنه إذا كان المقصود منه إثبات صانعين متماثلين من كل الوجوه، فهذا لم يوجد في بني آدم قط. بل الفطرة مفورة بإقرار وإثبات رب واحد، وإنما المقصود من الشرك في الربوبية: الشرك في بعض خصائص الربوبية، ثم إن قولنا عن المشركين بأنهم يعترفون بتوحيد الربوبية: ليس المراد به أنهم اعترفوا بهذا القسم من التوحيد على التمام والكمال، فهذا لا يقول به أحد من أهل العلم، وإنما مرادهم تقرير ما ثبت في القرآن عن المشركين من اعترافهم بالخالق الرازق المدبر لشئون الخلق، فهذه من صفات الربوبية وخصائصها، وقد آمن واعترف به المشركون، ثم هذا أيضًا ليس حكمًا مطردًا على جميع المشركين،

<<  <  ج: ص:  >  >>