والمقصود: بيان أن بعض الجاهليين كان يعبد الجنات من دون الله ويشركونها مع الله في العبادة، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا.
٢ - عبادة الإنس من عباد الله الصالحين والأنبياء والمرسلين:
وقد سبق معنا في شرك الأمم السابقة أن أصل الشرك وبدايته كان من الغلو في الصالحين وتعظيمهم فوق ما ينبغي، ولكن هل وجد مثل هذا النمط من الشرك في الجاهلية لدى العرب؟ موضع يحتاج إلى نظر دقيق في بعض المعبودات لدى العرب، فمن هذه المعبودت مثلاً وجود أصنام قوم نوح في العرب، فإنها ما وجدت إلا لاعتقادهم فيها أنها تماثيل عباد الله الصالحين وصورهم، وإلا فمجرد حجارة أو خشب ليس هو المقصود بالذات ألبتة.
روى الإمام البخاري في صحيحه: عن ابن عباس رضي الله عنه قال: (صارت الأوثان التي في قوم نوح في العرب بعد، أما ود: فكانت لكلب بدومة الجندل، وأما سواع: فكانت لهذيل، وأما يغوث: فكانت لهمذان، وأما نسر: فكانت لحمير لآل ذي الكلاع: أسماء رجال صالحين من قوم نوح ... ). وقد سبق بيان كون هؤلاء من عباد الله الصالحين في بيان شرك الأمم.
ولعل من أصرح الأدلة على كون بعض هؤلاء المشركين يعبدون البشر المعظمين من عباد الله الصالحين قصة عبادة اللات على ما حكاه الأخباريون. فقد جاء في حقيقة اللات عدة أقوال، منها: