للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وساذجة عبادة أحجار لا تنفع ولا تضر، فعقيدتهم غير ثابتة الأركان ولا تقوم على أساس واضح من أسس الأيدلوجية الواعية، وإنما هي مجرد عقيدة بدائية تنسجم إلى حد بعيد مع حياتهم السياسية والاجتماعية والثقافية البعيدة عن التخصص والتقدم والعمق والشمول. بل أغلب هذه الاعتقادات كانت نتيجة عاطفة شخص أو قبيلة تجاه فلسفة معينة في أشياء معينة، وفيما يلي بيان لما قلناه، فمثلاً:

قضية عبادة الأحجار: فإن بدء عبادة الأحجار كانت نتيجة عاطفة بعض أولاد إسماعيل تجاه أراضي مكة وآثارها، قال ابن الكلبي: (إن إسماعيل عليه السلام لما سكن مكة وولد بها أولادًا فكثروا، حتى ملئوا مكة، ونفوا من كان بها من العماليق ضاقت عليهم مكة، ووقعت بينهم الحروب والعداوات، وأخرج بعضهم بعضًا، فتفسحوا في البلاد والتماس المعاش، فكان الذي حملهم على عبادة الأوثان والحجارة: أنه كان لا يظعن من مكة ظاعن إلا احتمل معه حجرًا من حجارة الحرم؛ تعظيمًا للحرم وصبابة بمكة، فحينما حلوا وضعوه وطافوا به، كطوافهم للبيت؛ حبًا للبيت وصبابة به، ثم عبدوا ما استحسنوا ونسوا ما كانوا عليه، واستبدلوا بدين إبراهيم وغيره، فعبدوا الأوثان ... ).

وقال ابن الكلبي في موضع آخر: (واستهترت العرب في عبادة الأصنام، فمنهم من اتخذ بيتًا، ومنهم من اتخذ صنمًا، ومن لم يقدر عليه ولا على بناء بيت، نصب حجرًا أمام الحرم وأمام غيره، مما استحسن، ثم طاف به كطوافه بالبيت ... فكان الرجل إذا سافر منزلاً، أخذ أربعة أحجار فنظر إلى أحسنها

<<  <  ج: ص:  >  >>