للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع بعضٍ؟ كلا، بل لابدّ أن يكون لكل واحدٍ منها محمل غير ما للآخر، فالحديث الذي نحن بصدده يخالف ظاهرًا ـ لدى البعض ـ الأحاديث الثابتة الصحيحة التي فيها خوف الرسول صلى الله عليه وسلم وتحذيره من وقوع ألوان من الشرك في هذه الأمة، والعلماء قد ذكروا لهذا الحديث عدة احتمالات، فممّا قالوا فيه:

١ - إن الشيطان أيس بنفسه ـ ولم يبأس ـ لما رأي عز الإسلام في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وإقبال القبائل على الدخول في هذا الدين الذي أكرمهم الله، فلمّا رأى ذلك يئس من أن يرجعوا إلى دين الشيطان، وأن يعبدوا الشيطان أي: يتخذوه مطاعًا.

وهذا كما أخبر الله عن الذين كفروا في قوله: (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ)، فهم يئسوا أن يراجع المسلمون مع عليه المشركون من الدين الباطل القائم على اتخاذ الأنداد مع الله، وصرف العبودية إلى أشياء مع الله أو دونه.

فكما أن المشركين لما رأوا تمسك المسلمين بدينهم يئسوا من مراجعتهم، هكذا الشيطان يئس لما رأى عزّ المسلمين ودخولهم في الدين في أكثر نواحي جزيرة العرب.

والشيطان ـ لعنه الله ـ لا يعلم الغيب، ولا يعلم أنه ستحين فرص يصد الناس بها عن الإسلام والتوحيد، وكانت أول أموره في صرف الناس لعبادته بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، حيث أطاعه أقوام وقبائل فارتدت عن الإسلام إمّا بمنع الزكاة، أو باتباع مدعي النبوة، فنشط وكانت له جولة وصولة، ثم كبته الله.

والمقصود: أن الشيطان ييأس إذا رأي التمسك بالتوحيد والإقرار به

<<  <  ج: ص:  >  >>