وكان نصر الله حليفه، فاستقام أمره، وظهر دينه، فجاء نصر الله ودخل الناس في دين الله أفواجًا، وجمعهم الله على دين الإسلام؛ دين التوحيد، والملة الإبراهيمية الحنيفية بعد تشتت تام وعداوة كاملة، وانهيار خلقي وانحلال ديني وفساد عقدي.
فألف بين قلوبهم حتى أصبحوا بنعمة الله إخوانًا، وكسرت الأوثان والأصنام، وزالت عباتها على أصنافها، فطمست التماثيل وسويت القبور المشرفة، وأزيلت المعبودات من دون الله من قبر وشجر وحجر ونصب وصنم ووثن، وأبطلت.
وتحررت العقول من دناءة تفكيرها، ووضاعة تصورها، فارتقت إلى التوحيد بعد أن كانت في حمأة الشرك، وأصبحت قلوبهم متجة إلى الله وحده لا شريك معه غيره؛ لا نبي مرسل، ولا ملك مقرب، فأتم الله أمره وأكمل دينه، وأعلا كلمته، حتى صار الدين كله لله.
فلما تمت نعمة الله عليه وعلى أمته وظهر ما جاء به من الحق، ووضحت الطريقة توفاه الله جل وعلا إليه، والإسلام في تقدم وشوكة تامة وغلبة كاملة، ليظهر على الدين كله.
وكان الصحابة ـ رضي الله عنهم وأرضاهم ـ يأخذون سلوكهم وأعمالهم وعقائدهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحياته هي الإسلام غضًا طريًا، وقد نزل القرآن الكريم بلغتهم ففهموا ما أراد الله منهم، وما احتاج إلى بيان بينه لهم رسول الله بسنته، فكان الناس أمة واحدة ودينهم قائم في خلافة أبي بكر وعمر، فلما استشهد باب الفتنة عمر رضي الله عنه، وانكشف الباب، قام رؤوس الشر على الشهيد عثمان حتى ذبح صبرًا، وتفرقت الكلمة، وتمت وقعة الجمل ثم وقعة