قال الإمام ابن حزم: (الأصل في أكثر خوارج هذه الطوائف عن ديانة الإسلام أن الفرس كانوا على سعة الملك، وعلوّ اليد على جميع الأمم، وجلالة الخطر في أنفسهم، حتى أنهم يسمون أنفسهم الأحرار والأبناء، وكانوا يعدون سائر الناس عبيدًا لهم، فلما امتحنوا بزوال الدولة عنهم، على أيدي العرب، وكانت العرب أقل الأمم خطرًا، تعاظمهم الأمر، وتضاعفت لديهم المصيبة، وراموا كيد الإسلام بالمحاربة، في أوقات شتى، ... فرأوا أن كيده على الحيلة أنجح.
فأظهر قوم منهم الإسلام واستمالوا أهل التشيع بإظهار محبة أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستشناع ظلم علي ـ رضي الله عنه ـ، ثم سلكوا بهم مسالك شتى، حتى أخرجوهم عن الإسلام، فقوم منهم أدخلوهم إلى القول بأن رجلاً ينتظر يدعى المهدي، عنده حقيقة الدين، إذ لا يجوز أن يؤخذ الدين من هؤلاء الكفار، وقوم خرجوا إلى نبوة من ادعي له النبوة، وقوم سلكوا بهم ... القول بالحلول، وسقوط الشرائع.
وآخرون تلاعبوا بهم، وأوجبوا عليهم خمسين صلاة في كل يوم وليلة ... وقد سلك هذا المسلك أيضًا عبد الله بن سبأ الحميري اليهودي، فإنه ـ لعنه الله ـ