ثم ظهر شرك التعطيل في أسماء الله وصفاته، بأنه ليس لله أسماؤه الحسنى، وأنه لا يوصف بشيء مما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، وأنه لا يحب أحدًا من عباده، ولا يتكلم وليس له يد ولا وجه، وكان أول من عرف بذلك رجل يقال له: الجعد بن درهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:(أصل هذه المقالة ـ مقالة التعطيل للأسماء والصفات ـ إنما هو مأخوذ عن تلامذة اليهود والمشركين، وضلال الصابئين، فأول من حفظ عنه أنه قال هذه المقالة ... في الإسلام: هو الجعد بن درهم، فأخذهاعنه الجهم بن صفوان، وأظهرها، فنسبت مقالة الجهمية إليه، وقد قيل: إن الجعد أخذ مقالته عن أبان بن سمعان، وأخذها أبان من طالوت ابن أخت لبيد بن الأعصم، وأخذها طالوت من لبيد بن الأعصم اليهودي الساحر الذي سحر النبي صلى الله عليه وسلم). فهذه سلسلة يهودية لها سوابق في محاربة الإسلام.
روى البخاري في خلق أفعال العباد، بسنده، قال: قال خالد بن عبد الله القسري في يوم أضحى: (ارجعوا فضحوا تقبل الله منكم، فإني مضح بالجعد ابن درهم، زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً، ولم يكلم موسى تكليماً، تعالى الله علوًا كبيرًا عما يقول ابن درهم)، ثم نزل فذبحه، قال أبو عبد الله: قال قتيبة: إن جهمًا كان يأخذ الكلام من الجعد بن درهم).