أما السبب في انتشار شرك الأنداد بين المتصوفة فهو: أنه قد ظهر أناس من المسلمين بمظهر التقشف، وكان أخطر هؤلاء الأعداء على الدهماء وأبعدهم غورًا في الإغواء: أناس ظهروا بأزياء الصالحين؛ بعيون دامعة كحيلة، ولحى مسرحة طويلة، وعمائم كالأبراج، وأكمام كالأخراج، يحملون سبحات طويلة كبيرة الحبات، يتظاهرون بمظهر الدعوة إلى سنة سيد السادات مع انطوائهم على مخازٍ ورثوها عن الأديان الباطلة والنحل الآفلة، وكان في مكرهم الماكر أن خلطوا الكذب المباشر بالتزيد في تفسير مأثور، أو في فهم حديث صحيح، أو تأويله على مقتضى هواهم، أو الاستدلال بحديث مكذوب سواء كان قصدًا أو بغير قصد.
فهؤلاء غلوا في أنفسهم بادعاء أشياء واهية من التصرفات في الكون، والعلم بما في المكنون، والقدرة على تقليب الشيء الموزون، ثم لما هلك هؤلاء جاء أتباعهم فادعوا فيهم أكثر مما ادعوا لأنفسهم من ذكر الكرامات، طلباً لتقديس الشخصيات، اتباعًا لسنن الأمم السابقة في هذه المجالات، ونبين بعض هذه الأنواع من الشركيات بشيء من البسط والتفصيل فيما يأتي من العبارات.
بداية ظهور الشرك في الألوهية والعبادة:
لعل أصل حدوث الشرك في الألوهية والعبادة كان من قبل الشيعة على اختلاف فرقها، وطوائفها، ونحلها، فإن التشيع هو ملجأ كل من يريد أن يحارب الإسلام والمسلمين، فما الباطنية بجميع شعبها ـ والإسماعيلية والقرامطة، والنصيرية والعبيدية والدرزية ـ إلا من فرقها، ومعروف: أن