ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ:(قد جاءت خلافة بني العباس. وظهر في أثنائها من المشاهد بالعراق وغير العراق ما كان كثير منها كذبًا، وكانوا عند مقتل الحسين بكربلاء قد بنوا هناك مشهداً، وكان ينتابه أمراء عظماء، حتى أنكر عليهم الأئمة، وحتى إن المتوكل لما تقدموا له بأشياء يقال إنه بالغ في إنكار ذلك وزاد على الواجب.
دَع خلافة بني العباس في أوائلها، وفي حال استقامتها، فإنهم حينئذ لم يكونوا يعظمون المشاهد، سواء منها ما كان صدقًا أو كذبًا كما حدث فيها بعد؛ لأن الإسلام كان حينئذ ما يزال في قوته وعنفوانه، ولم يكن على عهد الصحابة والتابعين وتابعيهم من ذلك شيء في بلاد الإسلام ... بل عامة هذه المشاهد محدثة بعد ذلك.
وكان ظهورها وانتشارها حين ضعفت خلافة بني العباس، وتفرقت الأمة، وكثير فيهم الزنادقة الملبسون على المسلمين، وفشت فيهم كلمة أهل البدع، وذلك من دولة المقتدر في أواخر المائة الثالثة، فإنه إذ ذاك ظهرت القرامطة العبيدية القداحية بأرض المغرب. ثم جاءوا بعد ذلك إلى أرض مصر ... ).
وبعد أن علمنا مصدر الشرك في العبادة في هذه الأمة، سنتطرق فيما يلي:
كيف خفي هذا الشرك في هذه الأمة حتى وقع فيه من هو معروف بالعلم والفضل؟ وكيف كان دور علماء سلف هذه الأمة في مواجهة جميع أنواع الشرك؟