ولكنّ هناك فروقاً بين الإلحاد القديم والحديث. ومن أهمها ما يلي:
أولاً: أن الإلحاد بمعنى إنكار وجود الله أصلاً ـ وهو أبرز ما في الاتجاه المادي الحديث عمومًا ـ لم يكن ظاهرة منتشرة متفشية في القديم، وإنما الذي كان شائعًا هو الشرك بمعنى منح خصائص الألوهية لغير الله عز وجل، وإشراك آلهة مزعومة معه سبحانه.
صحيح أن الملاحدة الدهرية كان لهم وجود منذ القدم ـ كما أشير من قبل ـ ولكن هؤلاء كانوا شرذمة قليلين مع اختلاف آرائهم في هذا الباب. فإنهم كانوا على طائفتين:
الأولى: الفلاسفة الدهرية الإلهية. القائلون بقدم العالم، وكان من مقدمتهم أرسطو، وأتباعه. فهؤلاء لم يكونوا يقولون: بأن المادة هي الخالقة، بل كانوا يثبتون للعالم علة يتشبه بها.
الثانية: الفلاسفة الدهرية الملاحدة أو الطبيعية. القائلون بما ذكر الله عنهم بقولهم:(مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا) فهؤلاء يشبهون في بعض الجواني الشيوعيين في العصر الحاضر، وقد ردّ الله عليهم في هذا القول بقوله:(مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ)؛ أي:(يتوهمون ويتخيلون). فقولهم هذا ما كان مستندًا إلى علم أو يقين بل كان عن ظن