الأخير، فالعلوم تثبت بكل وضوح أن هذا الكون لا يمكن أن يكون أزليًا، فهنالك انتقال حراري مستمر من الأجسام الباردة إلى الأجسام الحارة، ومعنى ذلك؛ أن الكون يتجه إلى درجة تتساوى فيها جميع الأجسام وينضب منها معين الطاقة، ويومئذ لن تكون هناك عمليات كيماوية أو طبيعية، ولن يكون هناك أثر للحياة نفسها في هذا الكون، ولما كانت الحياة لا تزال قائمة؛ ولا تزال العمليات الكيماوية والطبيعية تسير في طريقها، فإننا نستطيع أن نستنتج أن هذا الكون لا يمكن أن يكون أزليًا وإلاّ لاستهلكت طاقته منذ زمن بعيد، وتوقف كل نشاط في الوجود. وهكذا توصلت العلوم ـ دون قصد ـ إلى أن لهذا الكون بداية، وهي بذلك تثبت وجود الله، لأن ماله بداية لا يمكن أن يكون قد بدأ بنفسه، ولابدّ من مبدئٍ أو من محرك أول، أو من خالق هو الإله).
فهذه الأدلة العلمية القاطعة تثبت أن المادة غير أزلية، والآن أعرض فيما يلي الأدلة العلمية على أن المادة ليست أبدية.
الثاني: الأدلة العلمية الدالة على أن المادة ليست أبدية:
من أشهر هذه الأدلة:
١ - ما سبق معنا من قانون الديناميكا الحرارية، فإنه قد جاء فيه: أنّ مكونات هذا الكون تفقد حرارتها تدريجيًا، وأنها سائرة حتمًا إلى يوم تصير فيه الأجسام تحت درجة من الحرارة بالغة الانخفاض هي الصفر المطلق، ويومئذ تنعدم الطاقة، وتستحيل الحياة، ولا مناص من حدوث هذه الحالة من انعدام الطاقة عندما تصل درجة حرارة الأجسام إلى الصفر المطلق بمضي الوقت ... ولا شك أنه يدل على أن للمادة نهاية محتومة ستصير إليها.