للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الحقيقة: إن هذه فرية راجت في عصرنا هذا، راجت حتى على الذين ـ يظنون أنهم ـ نبغوا في العلوم المادية، وعللوا كثيرون وجود الأشياء وحدوثها بها، فقالوا: الطبيعة هي التي تُوجد وتحدثُ.

وهؤلاء نوجه إليهم هذا السؤال: ماذا تريديون بالطبيعة؟ هل تعنون بالطبيعة ذوات الأشياء؟ أم تريدون بها السنن والقوانين والضوابط التي تحكم الكون؟ أم تريدون بها قوة أخرى وراء هذا الكون أوجدته وأبدعته؟ .

فإننا نرى: أن الطبيعة في اللغة: السجية.

أمّا في عقول الناس اليوم فلها مفاهيم:

المفهوم الأول: أنها عبارة عن الأشياء بذاتها، (الكون نفسه)، فالجماد والنبات والحيوان كل هذه الكائنات هي الطبيعة.

وهو مفهوم غير دقيق وحكم غير سديد، فإن هذا القول يصبح ترديدًا للقول السابق بأن الشيء يوجد نفسه ـ بأسلوب آخر، أي أنهم يقولون: الكون خلق الكون، فالسماء خلقت السماء، والأرض خلقت الأرض، والكون خلق الإنسان والحيوان، هذا القول لا يخرج بالطبيعة بالنسبة لخلق الوجود من تفسير الماء بالماء، والأشياء أوجدت ذاتها، فهي الحادث والمحدث، وهي الخالق والمخلوق في الوقت ذاته، وقد سبق بيان كون العقل الإنسان يرفض التسليم بأن الشيء يوجد نفسه، كما أن الشيء لا يخلق شيئًا أرقى منه، فالطبيعة من سماء وأرض ونجوم وشموس وأقمار لا تملك عقلاً ولا سمعًا ولا بصرًا، فكيف تخلق إنسانًا سميعًا بصيرًا عليمًا؟ هذا لا يكون، فبطلان هذا القول بيّن، فهو لا يخلو عن أمرين:

<<  <  ج: ص:  >  >>