للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخالف نظريتهم ـ ولو كان صحيحًا ـ لا يأخذون به ويصمونه بوصمة عار عندهم وهي إرجاعه إلى الميتافيزيقية، أو المثالية التي هي في عرفهم عدوة للعلم، فهم لا يعرفون إلا العالم المادّي، هذا العالم وجد، ولا خالق له، وبالتالي فليس له سبب أول أوجده.

وقد كتب لينين بصدد المفهوم المادّي عند فيلسوف العهد القديم (هيراكليت) يقول في ترجمة حرفية: (العالم، وحدة الكل، لم يخلقه أي إله ولا إيّ إنسان، ولكنه كان وسيبقى نارًا حية أزليًا تشتعل وتنطفئ بموجب قوانين ... هذا عرض جيد جدًا لمبادئ المادية الجدلية).

في هذا النص نرى أن لينين نفى السبب الأول في إيجاد العالم المادّي، وهذا نفي صريح للقانون الذي قرره هم أنفسهم، حين وقفوا في تفسيره عند حدود معينة لم يتجاوزوها. لأن تجاوز هذه الحدود يؤدّي بهم إلى الاعتراف بخالق الكون، ومن ثم الاعتراف بالأديان، وهذا ما لا يرضونه.

والمقصود: بيان كون تفسيرهم لمظاهر الكون في وجوده وتغيره للطبيعة وعدم تفسيرهم للطبيعة إنما هو هروب منهم لقانون السببية ـ المعترف به لديهم ـ فإن تطبيقهم العملي لهذا القانون سيؤديهم حتمًا إلى الاعتراف بخالق للكون. وهذا ما لا يستسيغونه مطلقاً.

وبهذا يظهر بطلان هذا المفهوم (الثاني) أيضًا للطبيعة، فما بقي إلاّ أن يقولوا بالمفهوم الثالث حتماً، وإن كانوا ينكرونه بشدة لما يترتب على الاعتراف به من إثبات وجود الله وبالتالي بمستلزمات هذا الإثبات التي هي

<<  <  ج: ص:  >  >>