ثم بعد أن حكموا على الله: بأنه غير موجود، قالوا:(هو كائن). فهل الكائن شيء غير الموجود؟ فإن الذي يعرف من معنى الكائن: أنه موجود أو ثابت أو واقع أو حادث أو غير ذلك.
ولكن الذي يظهر ـ والله أعلم ـ أن أصحاب هذه المقالة لم تكن تنكر فكرة الإله أو الخالق للكون، وإن كانوا يتحرجون من إطلاق اسم (الوجود) عليه، لما أن الوجود يحتاج إلى أشياء عندهم، وهم لا يرونها في الله، فلهذا وصفوه بالكائن. فهذا من منقديهم الذين لم يقولوا بالإلحاد المطلق. ولننظر الآن إلى متأخريهم.
آراء هيدجر وسارتر:
قال هيدجر:(لا نرى فوقنا أيَّة قوة عليا تعيننا على التحكم في مصيرنا).
هذا القول صريح في إنكار وجود الله، ومعلوم: أنه دعوى، وتقرير، حيث إنهم لم يستدلوا بشيء، فلا داعي للرد عليه.
أما سارتر ـ أبو الوجوديين الملحدين ـ فمن جملة أقواله في إنكار وجود الله:
١ - (أنا موجوود؛ معناه: أنني حر، وقولي: أنا حر معناه: أنه لم يعد موجودًا).
٢ - (أن تكون إنسانًا: هذا معناه: أن تنزع إلى أن تكون إلهًا).
٣ - (أما نحن، فإننا قد قوضنا ـ الله ـ، لكننا قلنا باستمرار وجود تلك القيم