حيث قال ردًا على الحلولية ومنكرًا عليهم مقولتهم:(أرأيتم إذا قلتم: هو في كل مكان، وفي كل خلق، أكان الله إلهًا واحدًا قبل أن يخلق الخلق والأمكنة؟ قالوا: نعم.
قلنا: فحين خلق الخلق والأمكنة، أقدر أن يبقى كما كان في أزليته في غير مكان؛ فلا يصير في شيء من الخلق والأمكنة التي خلقها بزعمكم، أو لم يجد بدًا من أن يصير فيها، أو لم يستغن عن ذلك؟
قالوا: بلى.
قلنا: فما الذي دعا الملك القدوس إذ هو على عرشه في عزه وبهائه بائن من خلقه أن يصير في الأمكنة القذرة، وأجواف الناس، والطير والبهائم؟ ... لقد شوهتم معبودكم إذا كانت هذه صفة، والله أعلى وأجل من أن تكون هذه صفته، فلابد من أن تأتوا ببرهان بيّن على دعواكم من كتاب ناطق أو سنة ماضية، أو إجماع من المسلمين، ولن تأتوا بشيء منه أبدًا.
ثم قال: فاحتج بعضهم فيه بكلمة زندقة أستوحش من ذكرها، وتستر آخر من زندقة صاحبه، فقال: قال الله تعالى: (مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).