للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالله عز وجل لا يشركه فيه أحد من خلقه.

وقال عبد الكريم الجيلي في مكان آخر وهو يتحدث عن الأولياء: (فإذا كشف الحجاب وفتح لهم الباب علم العوالم بأجمعها على ما هي عليه من تفاريعها من المبدأ إلى المعاد، وعلم كل شيء، كيف هو كائن وكيف يكون، وعلم ما لم يكن ولم لا يكون ما لم يكن، ولو كان ما لم يكن كيف كان يكون، كل ذلك علمًا أصليًا حكميًا كشفيًا ذوقيًا من ذاته لسريانه في المعلومات، علمًا إجماليًا تفصيلاً كليًا جزئيًا مفصلاً في إجماله، ومنهم من تجلى الله عليه بصفة السميع، فيسمع نطق الجمادات والنباتات والحيوانات وكلام الملائكة واختلاف اللغات، وكان البعيد عنه كالقريب).

وهكذا كما رأينا في النصوص السابقة التي أوردتها عن عبد الكريم الجيلي نرى بوضوح كامل بأنه ادعى أن الأولياء يعلمون علم الغيب، وأنه بهذا القول فقد زعم بأن الأولياء يشاركون الله في هذه الخاصية التي أخبرنا الله عز وجل ـ كما سيأتي ـ بأنها خاصة به، وأنه لا يعلم الغيب إلا هو.

ومن الصوفية الذين زعموا أن الأولياء يعلمون الغيب أحمد الرفاعي المتوفى سنة (٥٧٨ هـ)، فقد قال متحدثًا عن الدرجات التي يمر بها الإنسان حتى يصل إلى مرحلة الغوثية التي إذا وصلها الإنسان يصبح الغيب عنده كالمشاهدة، فلا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء. وهذا نص كلامه:

(إن العبد ما يزال يرتقي من سماء إلى سماء حتى يصل إلى محل الغوث، ثم ترتفع صفته إلى أن تصير صفة من صفات الحق يطلعه على غيبه حتى لا تنبت شجرة ولا تخضر ورقة إلا بنظره، ويتكلم هناك عن الله بكلام لا تسعه عقول

<<  <  ج: ص:  >  >>