في قوله:(وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا) شامل لكل ما يقتضيه جل وعلا، ويدخل في ذلك التشريع دخولاً أوليًا.
وإذا كان القول بأن الله هو الحَكَم، وأن الحُكم له وحده يمثل جزءًا من عقيدة المسلمين في الله ربهم فإنه يعني من جانب آخر أن المسلم لا يقر بذلك لأحد دون الله تعالى. هذا فضلاً عن أن يدعي ذلك لنفسه، أو لغيره.
ومما تقدم تبين أن من ادعى أنه هو الحَكَم وأن الحُكْم له ـ سواء كان هذا المدعي فردًا، أو جماعة، أو هيئة، أو مؤسسة، أو مجلسًا شعبيًا، أو برلمانًا، أو غير ذلك من المسميات ـ فقد ادعى مشاركته لله ـ تبارك وتعالى ـ في ذلك.
والمقصود: بيان كون الحكم والتشريع من خصائص الربوبية، وإعطاء هذه الخصيصة لغير الله شرك بالله جل شأنه في صفة الحكم وفي صفة التشريع.
بقي أن نشير هنا إلى أنه هل وجد هذا النوع من الشرك في العصر الحديث أم لا؟ .
فأقول: لقد وقع في هذا النوع من الشرك جملة من الطوائف في العصر الحديث، ويتمثل ذلك فيما يلي:
إعطاء حق التشريع لغير الله سواء كان من الأمراء والسلاطين، أو القوانين، أو الأنظمة المستوردة.
ومنها: إعطاء حق التشريع للعلماء والأئمة ورؤساء الأحزاب والجماعات.
ومنها: إعطاء حق التشريع لمشايخ التصوف.
وسأذكر كل من وقع في هذا النوع من الشرك في الفروع الآتية: