تقف فيه وتتورع من الحطِّ عليه؛ فهو ممن ينبغي أن يُعرض عنه، وأن يُفوَّض أمره إلى الله، وأن يستغفر له في الجملة، لأنَّ إسلامَه أَصْلِيٌّ بيقين، وضلالَه مشكوكٌ فيه، فبهذا تستريح، ويصفو قلبك من الغل للمؤمنين.
ثم اعلم أنَّ أهل القبلة كلَّهم مؤمنَهم وفاسقَهم، وسُنِّيَهُم ومُبتَدِعَهم، ... ـ سوى الصحابة ــ لم يُجمعوا على مُسلِمٍ بأنه سعيدٌ نَاج، ولم يجمعوا على مسلم بأنه شقيٌّ هالك، فهذا الصديق فردُ الأمة قد عَلِمَتَ تَفَرُّقهم فيه، وكذلك عُمر، وكذلك عثمان، وكذلك علي، وكذلك ابن الزبير، وكذلك الحجاج، وكذلك المأمون، وكذلك بشر المريسي، وكذلك أحمد بن حنبل، والشافعي، والبخاري، والنسائي، وهلم جرَّاً من الأعيان في الخير والشر إلى يومك هذا؛ فما مِنْ إمامٍ كاملٍ في الخير إلا وثَمَّ أُناسٌ مِن جهلة المسلمين ومبتدعيهم يذمُّونَه ويحطُّونَ عليه، وما مِن رأسٍ في البدعة والتجهم والرفض إلا ولَهُ أناس ينتصرون له ويذبون عنه ويدينون بقوله بهوى وجهل؛ وإنما العبرة بقول جمهور الأمة الخالين من الهوى والجهل، المتصفين بالورع والعلم، فتَدَبَّر يَا عبْدَالله نِحْلَةَ الحَلَّاج الذي هو مِنْ رؤوس القرامطة، ودُعَاةِ الزندقة، وأنصف، وتورَّع، واتقِّ ذلك، وحاسب نفسك، فإن تبرهن لك أن شمائل هذا المرء شمائلُ عَدُوِّ للإسلام، محب للرئاسة،