للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنفاً من ورق ويقال لها الرقة وفي الحديث «في الرقة ربع العشر» . {إلى المدينة} ، أي: التي خرجتم منها وهي مدينة طرسوس وهذه الآية تدل على أنّ السعي في إمساك الزاد أمر مهمّ مشروع وأنه لا يبطل التوكل على الله تعالى إذ حقيقة التوكل على الله تعالى تهيئة الأسباب واعتقاد أن لا مسبب للأسباب إلا الله تعالى، فحمل النفقة وما يصلح المسافر هو رأي المتوكلين على الله دون المتوكلين على الإنفاقات على ما في أوعية القوم من النفقات. ومنه قول عائشة رضي الله تعالى عنها لمن سألها عن محرم يشدّ عليه هميانه أوثق عليك نفقتك.

وما حكي عن بعض صعاليك العلماء أنه كان شديد الحب إلى أن يرزق حج بيت الله الحرام وعلم منه ذلك فكانت مياسير أهل بلده كلما عزم قوم على حج أتوه أن يحجوا به وألحوا عليه فيعتذر إليهم ويحمد إليهم بذلهم فإذا انفضوا عنه قال لمن عنده ما لهذا السفر إلا شيئان شدّ الهميان والتوكل على الرحمن {فلينظر أيها أزكى طعاماً} قال ابن عباس: يريد ما حل من الذبائح لأن عامة أهل بلدهم كانوا مجوساً وفيهم قوم يخفون إيمانهم وقال مجاهد: كان ملكهم ظالماً فقولهم أيها أزكى طعاماً، أي: أيها أبعد عن الغصب وكل سبب حرام، وقيل: أيها أطيب وألذ وقيل أيها أرخص. قال الزجاج: قولهم أيها رفع بالابتداء وأزكى خبره وطعاماً تمييز ولا بدّ هنا من حذف، أي: أيّ أهلها أزكى، أي: أحل، وقيل لا حذف والضمير عائد على الأطعمة المدلول عليها من السياق. {فليأتكم} ذلك الأحد {برزق منه} لنأكل {وليتلطف} ، أي: وليكن في ستر وكتمان في دخول المدينة وشراء الأطعمة حتى لا يعرف {ولا يشعرنّ} ، أي: ولا يخبرنّ {بكم أحداً} من أهل المدينة.

{إنهم} ، أي: أهل المدينة {إن يظهروا} ، أي: يطلعوا عالين {عليكم يرجموكم} ، أي: يقتلوكم والرجم بمعنى القتل كثير في القرآن كقوله تعالى: {ولولا رهطك لرجمناك} (هود، ٩١)

وقوله: {لأرجمنك} (مريم، ٤٦)

وقوله: {أن ترجمون} (الدخان، ٢٠)

. وقال الزجاج:، أي: يقتلوكم بالرجم والرجم أخبث أنواع القتل. {أو يعيدوكم في ملتهم} إن لنتم لهم {ولن تفلحوا إذاً} ، أي: إن رجعتم إلى ملتهم {أبداً} بل تكونوا خاسرين. قال بعض العلماء: ولا خوف على المؤمن الفارّ بدينه أعظم من هذين الأمرين أحدهما ما فيه هلاك النفس وهو الرجم الذي هو أخبث أنواع القتل والآخر هلاك الدين. فإن قيل: أليس أنهم لو أكرهوا على الكفر حتى أظهروا الكفر لم يكن عليهم مضرة فكيف قالوا {ولن تفلحوا إذاً أبداً} أجيب: بأنهم خافوا أنهم لو بقوا على الكفر مظهرين له فقد يميل بهم ذلك إلى الكفر الحقيقي فكان خوفهم بسبب هذا الاحتمال. فإن قيل: ما النكتة في العدول عن واحدكم إلى أحدكم وكل ذلك دال على الوحدة؟ أجيب: بأنّ النكتة فيه أنّ العرب إذا قالوا أحد القوم أرادوا به فرداً منهم وإذا قالوا واحد القوم أرادوا رئيسهم والمراد في القصة، أي: واحد كان والقرآن الكريم أنزل بلغتهم فراعى ما راعوا.

{س١٨ش٢١ وَكَذَالِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُو?ا? أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ رَيْبَ فِيهَآ إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ? فَقَالُوا? ابْنُوا? عَلَيْهِم بُنْيَانًا? رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ? قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا? عَلَى? أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا}

{وكذلك} ، أي: ومثل ما فعلنا بهم ذلك الأمر العظيم من الربط على قلوبهم والستر والحماية من الطالبين لهم والحفظ لأجسادهم على ممرّ الزمان وتعاقب الحدثان وغير ذلك {أعثرنا} ، أي: أطلعنا غيرهم {عليهم} يقال عثرت على كذا علمته وأصله أنّ من كان غافلاً عن شيء فعثر به نظر إليه فعرفه فكان العثر سبباً لحصول العلم فأطلق السبب على السبب بقوله تعالى: {ليعلموا} متعلق بأعثرنا

<<  <  ج: ص:  >  >>