وجرى على النسخ الجلال المحلي فقال: وهذا قبل أن يؤمر بقتالهم وقوله تعالى: {فسوف يعلمون} فيه تهديد لهم وتسلية للنبي صلى الله عليه وسلم وقرأ نافع وابن عامر بتاء الخطاب التفاتاً، والباقون بياء الغيبة نظراً لما تقدم وما قاله البيضاوي تبعاً للزمخشري من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قرأ سورة الزخرف كان ممن يقال له يوم القيامة: يا عبادي لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون» حديث موضوع.
[سورة الدخان]
مكية وقيل: إلا قوله تعالى: {إنا كاشفوا العذاب قليلاً} الآيةوهي ست أو سبع أو تسع وخمسون آية وثلاثمئةوست وأربعون كلمة وألف وأربعمائة وواحد وثلاثون حرفاً
{بسم الله} الملك الجبار الواحد القهار.
{الرحمن} الذي عم بنعمته سائر مخلوقاته {الرحيم} بأهل وداده وقوله تعالى:
{حم} قرأه ابن ذكوان وشعبة وحمزة والكسائي بإمالة الحاء محضة، وقرأه ورش وأبو عمرو بالإمالة بين بين والباقون بالفتح وتقدمت الإشارة إلى شيء من أسرار أخواتها وقوله تعالى:
{والكتاب المبين} فيه احتمالان؛ الأول: أن يكون التقدير هذه حم والكتاب المبين كقولك: هذا زيد والله، الثاني: أن يكون التقدير حم والكتاب المبين.
{إنا أنزلناه} فيكون في ذلك تقدير قسمين على شيء واحد ويجوز أن يكون {إنا أنزلناه} جواب القسم وأن يكون اعتراضاً والجواب قوله تعالى: {إنا كنا منذرين} واختاره ابن عطية، وقيل: {إنا كنا} مستأنف و {فيها يفرق} يجوز أن يكون مستأنفاً وأن يكون صفة ليلة وما بينهما اعتراض.
تنبيه: يجوز أن يكون المراد بالكتاب هنا الكتب المتقدمة المنزلة على الأنبياء عليهم السلام كما قال تعالى: {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب} (الحديد: ٢٥)
ويجوز أن يكون المراد به اللوح المحفوظ قال الله تعالى: {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب} (الرعد: ٣٩)
وقال تعالى: {وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم} (الزخرف: ٤)
ويجوز أن يكون المراد به القرآن واقتصر على ذلك البيضاوي وتبعه الجلال المحلي، وعلى هذا فقد أقسم بالقرآن أنه أنزل القرآن في ليلة مباركة، وهذا النوع من الكلام يدل على غاية تعظيم القرآن فقد يقول الرجل إذا أراد تعظيم الرجل له إليه حاجة: أتشفع بك إليك وأقسم بحقك عليك وجاء في الحديث: «أعوذ برضاك من سخطك وبعفوك من عقوبتك، وبك منك لا أحصي ثناء عليك» . والمبين: هو المشتمل على بيان ما بالناس من حاجة إليه في دينهم ودنياهم فوصفه بكونه مبيناً وإن كانت حقيقة الإبانة لله تعالى لأن الإبانة حصلت به كقوله تعالى: {أم أنزلنا عليهم سلطاناً فهو يتكلم بما كانوا به يشركون} (الروم: ٣٥)
فوصفه بالتكلم إذ كان غاية في الإبانة فكأنه ذو لسان ينطق مبالغة في وصفه.
واختلف في قوله سبحانه وتعالى: {في ليلة مباركة} فقال قتادة وابن زيد وأكثر المفسرين: هي ليلة القدر: وقال عكرمة وطائفة: إنها ليلة البراءة وهي ليلة النصف من شعبان، واحتج الأولون بوجوه؛ الأول: قوله تعالى {إنا أنزلنا في ليلة القدر} (القدر: ٤)
فقوله تعالى {إنا أنزلناه في ليلة مباركة} يجب أن تكون هي تلك الليلة