للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يخلقه الله تعالى لها في ذلك الفعل، كمن قال: إنّ السكين قطعت بالتحامل عليها بهذا أجرى الله سبحانه وتعالى عادته في الناس ولو شاء غير ذلك فعل، ولا يخفى أنّ هذا هو الحق الذي لا مرية فيه.

ثم علل ذلك بإحاطته بمشيئتهم بقوله تعالى {إنّ الله} أي: المحيط علماً وقدرة {كان} أي: أزلاً وأبداً {عليماً} أي: بما يستأهل كل أحد {حكيماً} أي: بالغ الحكمة فهو يمنع منعاً محكماً من أن يشاء غيره ما لم يأذن فيه فمن علم في جبلته خيراً أعانه عليه، ومن علم منه الشرّ ساقه إليه وحمله عليه وهو معنى قوله تعالى: {يدخل من يشاء} أي: ممن علمه من أهل السعادة {في رحمته} أي: جنته وهم المؤمنون. وقوله تعالى {والظالمين} أي: الكافرين منصوب بفعل يفسره قوله تعالى: {أعدّ لهم} مثل أوعد وكافأ ليطابق الجمل المعطوف عليها {عذاباً أليماً} أي: مؤلماً فهم فيه خالدون أبد الآبدين.

وقول البيضاوي تبعاً للزمخشري: إنه صلى الله عليه وسلم قال: «من قرأ سورة هل أتى كان جزاؤه على الله جنة وحريراً» حديث موضوع.

سورة المرسلات عرفاً

مكية

في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر، وقال ابن عباس وقتادة: إلا آية منها وهي قوله تعالى: {وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون} فمدنية.

وقال ابن مسعود: «نزلت والمرسلات عرفاً على النبيّ صلى الله عليه وسلم ليلة الجنّ ونحن معه نسير حتى أوينا إلى غار منى فنزلت، فبينما نحن نتلقاها منه وإن فاه رطب بها إذ وثبت حية فوثبنا عليها لنقتلها فذهبت، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم وقيتم شرّها كما وقيت شرّكم» ا. هـ. والغار المذكور مشهور في منى وقد زرته ولله الحمد، وعن كريب مولى ابن عباس قال: قرأت سورة والمرسلات عرفاً فسمعتني أمّ الفضل امرأة العباس فبكت. وقالت: والله يا بني لقد أذكرتني بقراءتك هذه السورة إنها لآخر ما سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها في صلاة المغرب.

وهي خمسون آية وإحدى وثمانون كلمة وثمانمائة وستة عشر حرفاً.

{بسم الله} الملك الحق المبين {الرحمن} المنعم على الخلق أجمعين {الرحيم} الذي خص بكرامته عباده المؤمنين.

{والمرسلات عرفاً} أي: الرياح متتابعة كعرف الفرس يتلو بعضها بعضاً ونصبها على الحال، هذا ما عليه الجمهور من أنها الرياح قال تعالى: {وأرسلنا الرياح} (الحجر: ٢٢)

وقال تعالى: {ويرسل الرياح} (الأعراف: ٥٧)

. وروى مسروق عن عبد الله قال: هي الملائكة أرسلت بالعرف من أمر الله تعالى ونهيه والخير والوحي، وهو قول أبي هريرة ومقاتل والكلبي، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: هم الأنبياء عليهم السلام أرسلوا بلا إله إلا الله. وقال أبو صالح: هم الرسل ترسل بما يعرفون به من المعجزات. وقيل: المراد السحاب لما فيها من نعمة ونقمة عارفة بما أرسلت إليه ومن أرسلت إليه.

{فالعاصفات} أي: الرياح الشديدة {عصفاً} أي: عظيماً بما لها من النتائج الصالحة، وقيل: الملائكة شبهت لسرعة جريها في أمر الله تعالى بالرياح، وقيل: الملائكة تعصف بروح الكافر يقال: عصف بالشيء إذا أباده وأهلكه، وناقة عصوف أي: تعصف بركابها فتمضي كأنها ريح في السرعة،

<<  <  ج: ص:  >  >>