وعادة مستمرّة كما تشاهدونه فقد كان منا بالإحياء الأوّل المبدأ {وإلينا} أي: خاصة بالإماتة ثم الأحياء {المصير} أي: في الآخرة. وقيل تقديره نميت في الدنيا ونحيي في الآخرة للبعث. وإلينا المصير بعد البعث وقوله تعالى:
{يوم} يدل من يوم قبله وما بينهما اعتراض. وقرأ {تشقق الأرض} نافع وابن كثير وابن عامر بتشديد الشين والباقون بالتخفيف {عنهم} أي: مجاوزة لهم بعد أن كانوا في بطنها فيخرجون منها أحياء كما كانوا على ظهرها أحياء حال كونهم {سراعاً} أي: إجابة منادينا وهو جمع سريع وأشار إلى عظمة الأمر بقوله تعالى {ذلك} أي: الإخراج العظيم جدّاً {حشر} أي: جمع بكره وزاد في بيان عظمة هذا الأمر بدلالته على اختصاصه بتقدم الجار فقال تعالى: {علينا} أي: خاصة {يسير} فكيف يتوقف فيه عاقل فضلاً عن أن ينكره وأما غيرنا فلا يمكنه ذلك بوجه. تنبيه: علينا متعلق بيسير ففصل بمعمول الصفة بينها وبين موصوفها ولا يضرّ ذلك. وقال الزمخشريّ: التقديم للاختصاص وهو ما أشرت إليه أي لا يتيسر ذلك إلا على الله تعالى وحده وهو إعادة جواب قولهم ذلك رجع بعيد. وقوله تعالى:
{نحن أعلم} أي: عالمون {بما يقولون} أي: في الحال والاستقبال من التكذيب بالبعث وغيره تسلية النبي صلى الله عليه وسلم وتهديد لهم {وما أنت عليهم بجبار} أي: بمسلط تجبرهم على الإسلام إنما أنت منذر وقد فعلت ما أمرت به ونحن القادرون على ردهم بما لنا من العلم المحيط وهذا قبل الأمر بالقتال {فذكر} أي: بطريق البشارة والنذارة {بالقرآن} أي: الجامع بمجده لكل خير المحيط بكل صلاح {من يخاف وعيد} فإنه لا ينتفع به غيره وهم المؤمنون. وقرأ ورش بإثبات الياء بعد الدال وصلاً لا وقفاً وحذفها الباقون وصلا ووقفاً وما رواه البيضاوي تبعاً للزمخشري من أنه صلى الله عليه وسلم قال «من قرأ سورة ق هوّن الله عليه ثأرات الموت وسكراته» حديث موضوع وثأرات الموت بمثلثة وهمزة مفتوحة أهواله.
{بسم الله} أي المحيط بصفات الكمال فهو لا يخلف الميعاد {الرحمن} الذي عم الخلائق بنعمة الإيجاد {الرحيم} الذي خص من اختاره بالتوفيق لما يرضاه من المراد ولما ختم الله سبحانه وتعالى ق بالتذكير بالوعيد افتتح هذا بالقسم البالغ على صدقه، فقال عز من قائل مناسباً بين القسم والمقسم عليه.
{والذاريات} أي: الرياح تذرو التراب وغيره، وقيل: النساء الوالدات، فإنهنّ يذرين الأولاد، وقوله تعالى {ذروا} منصوب على المصدر المؤكد والعامل فيه فرعه وهو اسم الفاعل والمفعول محذوف اقتصاراً، يقال: ذرت الريح التراب وأذرته.
{فالحاملات} أي: السحب تحمل الماء وقيل: الرياح الحاملة للسحاب وقيل النساء الحوامل وقوله تعالى: {وقراً} أي: ثقلاً مفعول به بالحاملات كما يقال حمل فلان عدلاً ثقيلاً، قال الرازي: ويحتمل أن يكون اسماً أقيم مقام المصدر كقوله: ضربته سوطاً.