[سورة ق]
مكية إلا قوله تعالى {ولقد خلقنا السموات والأرض} الآيةمدنية، وهي خمس وأربعون آية وثلاثمائة وسبع وخمسون كلمةوألف وأربعمائة وأربعة وتسعون حرفاً
{بسم الله} أي: الذي أحاط علمه بجيمع خلقه العاكف منهم والبادي {الرحمن} أي الذي عمّ خلقه برحمته حين أرسل إليهم بشرائعه أصدق العباد {الرحيم} أي: الذي خص بالفوز في دار القرار أهل الرشاد واختلف في تفسير قوله عز من قائل:
{ق} فقال ابن عباس: هو قسم. وقيل: هو اسم للسورة. وقيل: اسم من أسماء القرآن. وقال القرطبي: هو مفتاح اسمه قدير وقادر وقاهر وقريب وقابض. وقال عكرمة والضحاك: هو جبل محيط بالأرض من زمردة خضراء ومنه خضرة السماء والسماء مغيبة عليه وعليه كنفاها ويقال هو وراء الحجاب الذي تغيب الشمس من ورائه بمسيرة سنة قيل: متصلة عروقه بالصخرة التي عليها الأرض والسماء كهيئة القبة وعليه كنفاها. قال الرازي: وهذا القول ضعيف لوجوه: أحدها: أنّ أكثر القرّاء يقف عليها ولو كان اسم جبل لما جاز الوقف في الإدراج لأنّ من قال ذلك قال: إنّ الله تعالى أقسم به. ثانيها: أنه لو كان كما ذكر لكان يكتب قاف مع الألف والفاء كما يكتب عين جارية ويكتب {أليس الله بكاف عبده} (الزمر: ٣٦)
وفي جميع المصاحف تكتب حرف ق. ثالثها: أنّ الظاهر كون الأمر فيه كالأمر في ص ون وحم وهي حروف لا كلمات فكذلك في ق فإن قيل: هو منقول عن ابن عباس نقول: المنقول عنه أنّ القاف اسم جبل، وأمّا أنّ المراد ههنا ذلك فلا ا. هـ.
وقيل: معناه قضى الأمر وقضى ما هو كائن كما قالوا في {حم} وفي {ص} صدق الله. قال الرازي: وقد ذكرنا أنّ الحروف تنبيهات قدّمت على القرآن ليكون السامع بسببها يقبل على استماع ما يرد على الإسماع فلا يفوته شيء من الكلام الرائق والمعنى الفائق وذكرنا أيضاً أنّ العبادة منها قلبية ومنها لسانية ومنها جارحية ظاهرة ووجد في الجارحية ما عقل معناه ووجد فيها ما لم يعقل معناه كأعمال الحج من الرمي والسعي وغيرهما ووجد في القلبية ما عقل بالدليل وعلم كالتوحيد وإمكان الحشر وصفات الله تعالى وصدق الرسل ووجد فيها ما لم يعقل ولا يمكن التصديق به لولا السمع كالصراط الممدود الأحد من السيف الأرق من الشعر. والميزان الذي توزن به الأعمال.
فكذلك ينبغي أن تكون الأذكار التي هي العبادة اللسانية فيها ما يعقل معناه كجميع القرآن إلا قليلاً منه وفيها ما لا يعقل ولا يفهم كل حروف التهجي ليكون التلفظ به لمحض الانقياد للأمر لا لما يكون في الكلام من طيب الحكاية والقصد إلى غرض كقولك: ربنا اغفر لنا وارحمنا بل يكون النطق به تعبداً محضاً.
ويؤيد هذا وجه آخر: وهو أنّ هذه الحروف مقسم بها لأنّ الله تعالى لما أقسم بالتين والزيتون كان تشريفاً لهما فإذا أقسم بالحروف التي هل أصل الكلام الشريف الذي هو دليل المعرفة وآلة التعريف كان أولى، وإذا عرفت هذا فنقول القسم من الله تعالى وقع بأمر واحد كما في قوله تعالى: {والعصر} (العصر: ١)
وقوله تعالى: {والنجم} (النجم: ١)
بحرف واحد كما في قوله تعالى: {ص} و {ن} ووقع بأمرين كما في قوله تعالى: {والضحى} (الضحى: ١)
{والليل} (الليل: ١)
وفي قوله تعالى: {والسماء والطارق} (الطارق: ١)
بحرفين كما قال في قوله تعالى: