للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجمع وضمير عنه للقتل أو النبي كما مرّ {وإنه} أي: القرآن {لتذكرة للمتقين} أي: لأنهم المنتفعون به لإقبالهم عليه إقبال مستفيد {وإنا} أي: بمالنا من العظمة {لنعلم} أي: علماً عظيماً محيطاً {أن منكم} أي: أيها الناس {مكذبين} بالقرآن ومصدقين، فأنزلنا الكتب وأرسلنا الرسل لنظهر منكم إلى عالم الشهادة ما كنا نعلم في الأزل غيباً من تكذيب وتصديق فتستحقون بذلك الثواب والعقاب، فلذلك وجب في الحكمة أن نعيد الخلق إلى ما كانوا عليه من أجسامهم قبل الموت لنحكم بينهم فنجازي كلاً بما يليق به إظهاراً للعدل.

{وإنه} أي: القرآن {لحسرة} أي: ندامة {على الكافرين} أي: إذا رأوا ثواب المصدقين وعقاب المكذبين به {وإنه} أي: القرآن أو الجزاء يوم الجزاء {لحق اليقين} أي: الأمر الثابت الذي لا يقبل الشك فهو يقين مؤكد بالحق من إضافة الصفة إلى الموصوف وهو فوق علم اليقين. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: إنما هو كقولك عين اليقين ومحض اليقين.

{فسبح} أي: أوقع التنزيه الكامل عن كل شائبة نقص {باسم} أي: بسبب عملك بصفات {ربك} أي: الموجد والمربي لك والمحسن إليك بأنواع الإحسان {العظيم} أي: الذي ملأت الأقطار كلها عظمته وزادت على ذلك بما شاءه سبحانه مما لا تسعه العقول، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: أي: فصلّ لربك العظيم. وقول البيضاوي تبعاً للزمخشري: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قرأ سورة الحاقة حاسبه الله حساباً يسيراً» حديث موضوع.

[سورة المعارج]

مكية

وهي أربع وأربعون آية، ومائتانوست عشرة كلمة، وألف وأحد وستون حرفاً

{بسم الله} ، أي: الذي تنقطع الأعناق والآمال دون عليائه {الرحمن} الذي لا مطمع لأحد في حصر أوصافه {الرحيم} الذي اصطفى من عباده من وفقه فكان من أوليائه.

{سأل سائل} أي: دعا داع {بعذاب واقع} فضمن سأل معنى دعا، فلذلك عدى تعديته، وقيل: الباء بمعنى عن كقوله تعالى: {فاسأل به خبيراً} (الفرقان: ٥٩) ، أي: عنه، أي: سأل سائل عن عذاب واقع، والأول أولى لأن التجوز في الفعل أولى منه في الحرف لقوتّه.

واختلف في هذا الداعي فقال ابن عباس رضي الله عنهما: هو النضر بن الحارث حيث قال: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك، فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم فنزل سؤاله وقتل يوم بدر صبراً هو وعتبة بن أبي معيط لم يقتل صبراً غيرهما، وقيل: هو الحارث بن النعمان، وذلك «أنه لما بلغه قول النبي صلى الله عليه وسلم في عليّ: من كنت مولاه فعليّ مولاه ركب ناقته فجاء حتى أناخ راحلته بالإبطح، ثم قال: يا محمد أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقبلناه وأن نصلي خمساً ونزكي أموالنا فقبلناه منك، وأن نصوم شهر رمضان في عام فقبلناه منك وأن نحج فقبلناه منك ثم لم ترض حتى فضلت ابن عمك علينا، أفهذا شيء منك أم من الله تعالى؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم «والذي لا إله إلا هو ما هو إلا من الله» فولى الحارث وهو يقول: اللهم إن كان ما يقول محمد حقاً فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم، فوالله ما وصل إلى ناقته حتى رماه الله تعالى بحجر فوقع على دماغه فخرج من دبره

<<  <  ج: ص:  >  >>