وتليت هذه الآية عند بعض المتجبرين فقال: تأتي به الفؤوس والمعاول، فذهب ماء عينيه وعمي نعوذ بالله من الجراءة على الله وعلى آياته، وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إن سورة من كتاب الله ما هي إلا ثلاثون آية شفعت لرجل يوم القيامة فأخرجته من النار وأدخلته الجنة وهي سورة تبارك» . وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:«إذا وضع الميت في قبره يؤتى من قبل رجليه فيقال: ليس لكم عليه سبيل لأنه قد كان يقوم بسورة الملك ثم يؤتى من قبل رأسه فيقول لسانه ليس لكم عليه سبيل كان يقرأ بي سورة الملك ثم قال: هي المانعة من عذاب الله، وهي في التوراة سورة الملك من قرأها في ليلة فقد أكثر وأطيب» . وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «وددت أن تبارك الملك في قلب كل مؤمن» . وأما ما رواه البيضاوي تبعاً للزمخشري من أنه صلى الله عليه وسلم قال:«من قرأ سورة الملك فكأنما أحيا ليلة القدر» فحديث موضوع.
سورة ن وتسمى القلم مكية
في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر، وقال ابن عباس وقتادة رضي الله عنهم: من أولها إلى قوله تعالى: {سنسمه على الخرطوم} مكي، ومن بعد ذلك إلى قوله تعالى:{يعلمون} مدني، ومن بعد ذلك إلى قوله تعالى:{فهم يكتبون} مكي، ومن بعد ذلك إلى قوله تعالى:{من الصالحين} مدني، وباقيها مكي، قاله الماوردي.
{بسم الله} أي: الذي له الإحاطة الكاملة فهو بكل شيء عليم {الرحمن} الذي عمت نعمة إيجاده لأهل معاده البريء منهم والسقيم {الرحيم} الذي أتم تلك النعمة على من وفقه لطاعته فألزمه صراطه المستقيم. وقوله تعالى:
واختلفوا في تفسير ذلك، فقال ابن عباس رضي الله عنهما: هو الحوت الذي على ظهره الأرض وهو قول مجاهد ومقاتل والسدّي والكلبي، وروى أبو طيبان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:«أول ما خلق الله تعالى القلم فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة، ثم خلق النون فبسط الأرض على ظهره فتحرك النون فمادت الأرض فأثبتت بالجبال، فإن الجبال لتفخر على الأرض، ثم قرأ ابن عباس:{ن} الآية» .
واختلفوا في اسمه فقال الكلبي ومقاتل: يهموت، وقال الواقدي: ليوثا، وقال كعب: لوثا، وقال علي: تلهوت، وقال الرواة: لما خلق الله تعالى الأرض وفتقها بعث من تحت العرش ملكاً فهبط إلى الأرض حتى دخل تحت الأرضين حتى ضبطها فلم يكن لقدميه موضع قرار فأهبط الله عز وجل من الفردوس ثوراً له أربعون ألف قرن وأربعون ألف قائمة وجعل قرار قدم الملك على سنامه فلم تستقر قدماه، فأخذ الله تعالى ياقوتة خضراء من أعلى درجة الفردوس غلظها خمسمائة عام ووضعها بين سنام الثور إلى أذنه فاستقرت عليها قدماه وقرون ذلك الثور خارجة من أقطار الأرض ومنخراه في البحر فهو يتنفس كل يوم نفساً، فإذا تنفس يمتد البحر وإذا ردّ نفسه جزر البحر، فلم يكن لقوائم الثور موضع قرار، فخلق الله تعالى صخرة كغلظ سبع سموات وسبع أرضين