مقصود واحد فهو كقوله تعالى: {والله ورسوله أحق أن يرضوه} (التوبة: ٦٢)
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: يعني الإيمان وقال السدي: يعني القرآن {نهدي} على عظمتنا {به من نشاء} خاصة لا يقدر أحد على هدايته بغير مشيئتنا {من عبادنا} بخلق الهداية في قلبه بالتوفيق فهذه لا يقدر عليها أحد غير الله تعالى، وأما الهداية بالتبيين والإرشاد فهي قوله تعالى: {وإنك} يا أفضل الخلق {لتهدي} أي: تبين وترشد وأكده لإنكارهم ذلك {إلى صراط} أي: طريق واضح جداً {مستقيم} أي: شديد التقوم وهو دين الإسلام وقوله تعالى:
{صراط الله} أي: الملك الأعظم الجامع لصفات الكمال وقرأ سراط في الموضعين قنبل بالسين وخلف: بالإشمام أي: بين الصاد والزاي والباقون بالصاد الخالصة. ثم وصف سبحانه وتعالى نفسه بأنه مالك لما في السموات والأرض بقوله تعالى: {الذي له ما في السموات وما في الأرض} خلقاً وملكاً وعبيداً {ألا إلى الله} أي: المحيط بجميع صفات الكمال الذي تعالى عن مثل وند وهو الكبير المتعال لا إلى غيره {تصير} أي: على الدوام وإن كانت في الظاهر في ملك غيره بحيث يظن الجاهل أن ملكها مستقر له.
قال أبو حيان: أخبر بالمضارع والمراد به الديمومة كقوله: زيد يعطي ويمنع أي: من شاء ذلك ولا يراد به حينئذ حقيقة المستقبل {الأمور} كلها من الخلق والأمر معنى وحساً كما كانت الأمور كلها مبتدأة منه وحده وفي ذلك وعد للمطيعين ووعيد للمجرمين فيجازي كلاً منهم بما يستحقه من ثواب أو عقاب، وما قاله البيضاوي تبعاً للزمخشري من أنه صلى الله عليه وسلم قال: «من قرأ سورة حم عسق كان ممن تصلي عليه الملائكة ويستغفرون ويسترحمون له» حديث موضوع.
[سورة الزخرف]
مكية وهي تسع وتسعون آية وثمانمائةوثلاثة وثلاثون كلمة وثلاثة آلاف وأربعمائة حرف
{بسم الله} أي: الذي له مقاليد الأمور كلها فهو يعطي من يشاء وإن طال سؤله {الرحمن} الذي نال بره جميع خلقه على حسب منازلهم عنده {الرحيم} الذي يقرب إليه من يشاء زلفى وإن وصل في البعد إلى الحد الأقصى وقد تقدم الكلام على قوله تعالى:
{حم} والواو في قوله تعالى:
{والكتاب} أي: القرآن {المبين} أي: مظهر طريق الهدى وما يحتاج إليه من الشريعة عاطفة إن جعلت حم قسماً وإلا كانت للقسم وقوله تعالى:
{إنا جعلناه} أي: أوجدنا هذا الكتاب {قرآناً عربيا} أي: بلغة العرب جواب القسم وهذا عندهم من البلاغة وهو كون القسم والمقسم عليه من وادٍ واحد كقول أبي تمام:
وثناياك إنها إغريض أي: طلع وبرد، وقيل: كل أبيض طري ولآل توم وبرق وميض والتوم جمع تومة وهي حبة تعمل من الفضة كالدرة، والوميض مصدر ومض أي: لمع لمعاً خفيفاً.
تنبيه: احتج القائلون بحدوث القرآن بهذه الآية من وجوه؛ الأول: أنها تدل على أن القرآن مجعول والمجعول هو المصنوع المخلوق، الثاني: أنه وصفه بكونه قرآناً وهو إنما سمي قرآناً لأنه جعل بعضه مقروناً بالبعض وما كان كذلك كان مصنوعاً، الثالث: