عنها، وتركتها غير منظور إليها {وكذلك} أي: ومثل تركك إياها {اليوم تنسى} أي: تترك في العمى والعذاب
{وكذلك} أي: ومثل هذا الجزاء الشديد {نجزي من أسرف} في متابعة هواه، فتكبر عن متابعة أوامرنا {ولم يؤمن} بل كذب {بآيات ربه} وخالفها {ولعذاب الآخرة أشدّ} مما نعذبهم به في الدنيا والقبر لعظمه {وأبقى} فإنه غير منقطع. ولما بيّن الله تعالى أنَّ من أعرض عن ذكره كيف يحشر يوم القيامة اتبعه بما يعتبر به المكلف من الأفعال الواقعة في الدنيا ممن كذب الرسل، فقال:
أي: يبين بياناً يقود إلى المقصود {لهم} أي: هؤلاء الذين أرسلت إليهم أعظم رسلي، وفاعل يهد مضمون قوله:{كم أهلكنا} وقال أبو البقاء: الفاعل ما دل عليه أهلكنا أي: إهلاكنا، والجملة مفسرة له، وقال الزمخشري: فاعل لم يهد الجملة بعده يريد: ألم يهدلهم هذا بمعناه ومضمونه، ونظيره قوله تعالى:{وتركنا عليه في الآخرين سلام على نوح في العالمين}(الصافات: ٧٨، ٧٩) ، أي: تركنا عليه هذا الكلام، ويجوز أن يكون فيه ضمير الله أو الرسول انتهى. وكم خبرية مفعول أهلكنا {قبلهم من القرون} أي: بتكذيبهم لرسلنا حال كونهم {يمشون} أي: هؤلاء العرب من أهل مكة وغيرهم {في مساكنهم} أي: في سفرهم إلى الشام، ويشاهدون آثار هلاكهم {إن في ذلك} أي: الإهلاك العظيم الشأن المتوالي في كل أمة {لآيات} عظيمات بينات {لأولي النهى} أي: لذوي العقول الناهية عن التغافل والتعامي. ولما هددهم بإهلاك الماضين ذكر سبب التأخير عنهم بقوله تعالى:
{ولولا كلمة} أي: عظيمة قاضية نافذة {سبقت} أي: في أزل الآزال {من ربك} الذي عودك بالإحسان بتأخير العذاب عنهم إلى الآخرة فإنه يعامل بالحلم والأناة {لكان} أي: العذاب {لزاماً} أي: لازماً أعظم لزوم لهم في الدنيا مثل ما نزل بعاد وثمود، ولكن نمدُّ لهم لنرد من شئنا منهم، ونخرج من أصلاب بعضهم من يؤمن، وإنما فعلنا ذلك إكراماً لك ورحمة لأمتك، فيكثر أتباعك، فيعملوا الخيرات، فيكون ذلك زيادة في شرفك، وإلى ذلك الإشارة بقوله صلى الله عليه وسلم «وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إليَّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً» ، وفي رفع قوله تعالى {وأجل مسمى} وجهان؛ أظهرهما: عطفه على كلمة أي، ولولا أجل مسمى لكان العذاب لازماً لهم، وهذا ما صدَّر به البيضاوي، والثاني: أنه معطوف على الضمير المستتر في كان، وقام الفصل بخبرها مقام التأكيد، واقتصر الجلال المحلي على هذا، وجوَّزه الزمخشري والبيضاوي، وفي هذا الأجل المسمى قولان؛ أحدهما: ولولا أجل مسمى في الدنيا لذلك العذاب، وهو يوم بدر، والثاني: ولولا أجل مسمى في الآخرة لذلك العذاب، وهذا كما قال الرازي أقرب قال أهل السنة تعالى بحكم المالكية أن يخص من شاء بفضله، ومن شاء بعذابه من غير علة إذ لو كان فعله لعلة لكانت تلك العلة إما قديمة، فيلزم قدم الفعل، وإما حادثة، فيلزم افتقارها إلى علة أخرى، ويلزم التسلسل، ثم إنه تعالى لما أخبر نبيه صلى الله عليه وسلم بأنه لا يهلك أحداً قبل استيفاء أجله أمره بالصبر، فقال:
{فاصبر على ما يقولون} لك من الاستهزاء وغيره، وهذا كان أول الأمر، ثم نسخ بآية القتال {وسبح} أي: صل، وقوله تعالى:{بحمد ربك} حال أي: وأنت حامد لربك على أنه وفقك لذلك، وأعانك عليه {قبل طلوع الشمس} صلاة الصبح {وقبل