للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في أيام معدودات} (البقرة: ٢٠٣) وقوله تعالى {فكلوا منها} أي: لحومها أمر إباحة، وذلك أنّ الجاهلية كانوا لا يأكلون من لحوم هداياهم شيئاً فأمر الله تعالى بمخالفتهم، واتفق العلماء على أنّ الهدي إذا كان تطوّعاً يجوز للمهتدي أن يأكل منه، وكذلك أضحية التطوّع لما روى عن جابر بن عبد الله في قصة حجة الوداع «فأتى عليّ ببدن من اليمن وساق رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة بدنة فنحر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثاً وستين بدنة ونحر عليّ ما غبر أي ما بقي وأشركه في بدنه ثم أمر من كل بدنة ببضعة أي بقطعة فجعلت في قدر فطبخت فأكل من لحمها وشرب من مرقها» أخرجه مسلم واختلفوا في الهدي الواجب بالشرع مثل دم التمتع والقرآن والدم الواجب بإفساد الحج وفوته وجزاء الصيد هل يجوز للمهدي أن يأكل شيئاً منه؟ قال الشافعي رضيّ الله عنه لا يأكل منه شيئاً وكذلك ما أوجبه على نفسه بالنذر وقال ابن عمر رضي الله عنهما لا يأكل من جزاء الصيد والنذر ويأكل مما سوى ذلك وبه قال أحمد وإسحاق وقال مالك يأكل من هدي التمتع ومن كل هدي وجب عليه إلا من فدية الأذى وجزاء

الصيد والنذر، وعن أصحاب أبي حنيفة أنه يأكل من كل من دم التمتع والقرآن ولا يأكل من واجب سواهما وقوله تعالى: {وأطعموا البائس} أي: الذي أصابه بؤس أي: شدّة {الفقير} أي: المحتاج أمر إيجاب وقد قيل به في الأوّل {ثم ليقضوا تفثهم} أي: يزيلوا أوساخهم وشعثهم كقص الشارب والأظفار ونتف الإبط والاستحداد عند الإحلال {وليوفوا نذورهم} من الهدايا والضحايا {وليطوّفوا} طواف الإفاضة الذي به تمام التحلل {بالبيت العتيق} أي القديم لأنه أوّل بيت وضع للناس وقال ابن عباس سمي عتيقاً لأنّ الله تعالى أعتقه من تسلط الجبابرة فكم من جبار سار إليه ليهدمه فمنعه الله تعالى منه فإن قيل: قد تسلط عليه الحجاج فلم يمنع أجيب بأنه ما قصد التسلط على البيت وإنما تحصن به ابن الزبير فاحتال لإخراجه ثم بناه ولما قصد التسلط عليه أبرهة فعل به ما فعل، وقيل لأنّ الله تعالى أعتقه من الغرق فإنه رفع في أيام الطوفان، وقال مجاهد لأنه لم يملك قط وقيل بيت كريم أي: العتيق بمعنى الكريم، من قولهم عتاق الخيل والطير، والطواف ينقسم إلى ثلاثة هذا ويدخل وقته بعد الوقوف وهذا لا يجبر تركه بدم لأنه ركن الثاني: طواف الوداع ووقته عند إرادة السفر من مكة وهو واجب يجبر تركه بدم، الثالث: طواف القدوم وهو مستحب للحاج والحلال إذا قدم مكة روت عائشة رضي الله تعالى عنها «أنّ أوّل شيء بدأ به حين قدم النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه توضأ ثم طاف ثم لم تكن عمرة ثم حج» أبو بكر وعمر مثله وقرأ ابن ذكران وليوفوا وليطوفوا بكسر اللام فيهما والباقون بإسكانها وفتح أبو بكر الواو ومن وليوفوا وشدّد الفاء وقوله تعالى: {ذلك} خبر مبتدأ مقدر أي: الأمر أو الشأن ذلك المذكور كما تقدم الكاتب جملة من كتابه في بعض المعاني ثم إذا أراد الخوض في معنى آخر قال هذا فقد كان كذا {ومن يعظم} أي بغاية جهده {حرمات الله} ذي الجلال والإكرام كلها وهي ما لا يحلّ انتهاكه من مناسك الحج

وغيرها وقيل:

الحرمات هنا مناسك الحج وتعظيمها إقامتها وإتمامها، وعن زيد بن أسلم الحرمات خمس الكعبة الحرام، والمسجد الحرام، والبلد الحرام، والشهر الحرام، والمحرم حتى يحلّ {فهو} أي:

<<  <  ج: ص:  >  >>