أو كرم فهو عرش والخاوي الساقط من خوى إذا سقط أو الخالي من خوى المنزل إذا خلا من أهله وخوى بطن الحامل.
تنبيه: قوله: {على عروشها} لا يخلو من أن يتعلق بخاوية، فيكون المعنى إنها ساقطة على عروشها أي: سقوفها، أي: تقصفت الأخشاب أوّلاً من كثرة الأمطار وغير ذلك من الأشرار، فسقطت ثم سقط عليها الجدران، فسقطت فوق السقوف أو خالية مع بقاء عروشها وسلامتها وإما أن يكون خبراً بعد خبر كأنه قيل: هي خاوية وهي على عروشها، أي: قائمة مظلة على عروشها على معنى أن السقوف سقطت إلى الأرض فصارت في قرار الحيطان مائلة فهي مشرفة على السقوف الساقطة، وقوله:{فهي خاوية} جملة معطوفة على {أهلكتها} لا على {وهي ظالمة} ، فإنها حال كما قدّرته، والإهلاك ليس حال خرابها، فلا محل لها إن نصبت كأين بمقدّر يفسره أهلكتها لأنها معطوفة على جملة أهلكتها كما مرّ، وهي مفسرة لا محل لها، وإن رفعت كأين بالابتداء فمحلها رفع خبراً ثانياً لكأين والخبر الأوّل أهلكتها {و} كم من {بئر معطلة} أي: متروكة بموت أهلها {وقصر مشيد} أي: رفيع خال بموت أهله.
تنبيه: علم مما قدّرته أن بئر معطوف على قرية، وهو يقوي على أنّ عروشها بمعنى مع أوجه، وروي أنّ هذه بئر نزل عليها صالح عليه السلام مع أربعة آلاف نفر ممن آمن به ونجاهم الله تعالى من العذاب وهي بحضرموت، وإنما سميت بذلك؛ لأنّ صالحاً حين حضرها مات، وثم بلدة عند البئر اسمها حاضوراء بناها قوم صالح وأمّروا عليهم جهلس بن جلاس وأقاموا بها زماناً، ثم كفروا وعبدوا صنماً فأرسل الله تعالى إليهم حنظلة بن صفوان عليه السلام نبياً فقتلوه، فأهلكهم الله تعالى وعطل بئرهم، وخرب قصورهم، وقوله تعالى:
{أفلم يسيروا} أي: كفار مكة {في الأرض} يحتمل أنهم لم يسافروا فحثوا على السفر ليروا مصارع من أهلكهم الله تعالى بكفرهم ويشاهدوا آثارهم فيعتبروا، وإن يكونوا قد سافروا ورأوا ذلك ولكن لم يعتبروا، فجعلوا كأن لم يسافروا ولم يروا {فتكون} أي: فتسبب عن سيرهم أن تكون {لهم قلوب} واعية {يعقلون بها} ما رأوه بأبصارهم مما نزل بالمكذبين قبلهم {أو} أي: أو يكون لهم إن كانوا عمي الأبصار كما دل عليه جعل هذا قسيماً {آذان يسمعون بها} أخبارهم بالإهلاك وخراب الديار فيعتبروا {فإنها} أي: القصة {لا تعمى الأبصار} ويجوز أن يكون الضمير مبهماً يفسره الأبصار وفي تعمى راجع إليه، والمعنى أنّ أبصارهم صحيحة سالمة لا عمى فيها، وإنما العمى لقلوبهم كما قال تعالى:{ولكن تعمى القلوب التي في الصدور} ولا يعتد بعمى الأبصار، فإنه ليس بعمى بالإضافة إلى عمى القلوب.
فإن قيل: فأي فائدة في ذكر الصدور؟ أجيب: بأن الذي قد تعورف واعتقد أنّ العمى على الحقيقة للبصر، وهو أن تصاب الحدقة بما يطمس نورها واستعماله في القلب استعارة وتمثيل، فلما أريد إثبات ما هو خلاف المعتقد من نسبة العمى إلى القلوب حقيقة ونفيه عن الأبصار احتاج هذا التصوير إلى زيادة تبيين وفضل تعريف ليتقرّر أنّ مكان العمى هو القلوب لا الأبصار، كما تقول: ليس المضاء للسيف ولكنه للسانك الذي بين فكيك، فقولك: الذي بين فكيك تقرير لما ادّعيته للسانه وتثبيت؛ لأن محل المضاء هو لا غير، فكأنك قلت: ما نفيت المضاء عن