للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إخراج النبات بالماء {خبير} أي: بمصالح الخلق ومنافعهم، فإنه مطلع على السرائر، وإن دقت فلا يستبعد عليه إحياء من أراد بعد موته، وقال ابن عباس: لطيف بأرزاق عباده خبير بما في قلوبهم من القنوط.

الأمر الثاني: قوله تعالى:

{له ما في السموات} أي: التي أنزل منها الماء {وما في الأرض} أي: التي استقر فيها ملكاً وخلقاً {وإنّ الله} أي: الذي له الإحاطة التامة {لهو} أي: وحده {الغني} في ذاته عن كل شيء {الحميد} أي: المستوجب للحمد بصفاته وأفعاله.

الأمر الثالث: قوله تعالى:

{ألم ترَ} أي: أيها المخاطب {أنّ الله} ذا الجلال والإكرام {سخر لكم} فضلاً منه {ما في الأرض} كله من مسالكها وفجاجها، وما فيها من حيوان وجماد وزرع وثمار، فلولا تسخيره تعالى الإبل والبقر مع قوتهما حتى ذللهما للضعيف من الناس لما انتفع بهما أحد منهم.

الأمر الرابع: قوله تعالى: {والفلك} أي: وسخر لكم الفلك أي: السفن، ثم بيّن تسخيرها بقوله: {تجري في البحر} العجاج المتلاطم بالأمواج بريح طيبة للركوب والحمل {بأمره} أي: بإذنه.

الأمر الخامس: قوله تعالى: {ويمسك السماء} أي: كراهة {أنّ تقع على الأرض} التي تحتها مع علوها وعظمها وكونها بغير عمد فتهلكوا {إلا بإذنه} أي: بمشيئته، فيقع ذلك يوم القيامة حين يريد طي هذا العالم وإيجاد عالم البقاء {إن الله} أي: الذي له الخلق والأمر {بالناس} أي: على ظلمهم {لرؤوف} أي: بما يحفظ من سرائرهم {رحيم} أي: حيث هيأ لهم أسباب الاستدلال وفتح لهم أبواب المنافع، ودفع عنهم أبواب المضار.

{وهو} أي: وحده {الذي أحياكم} أي: عن الجمادية بعد أنّ أوجدكم من العدم {ثم يميتكم} أي: عند انقضاء آجالكم ليكون الموت واعظاً لأولي البصائر منكم {ثم يحييكم} أي: يوم البعث للثواب والعقاب وإظهار العدل في الجزاء {إن الإنسان} أي: المشرك {لكفور} أي: لبليغ الكفر حيث لم يشكر على هذه النعم المحيطة به فيوحد الله تعالى، وقال ابن عباس: هو الأسود بن عبد الأسد، وأبو جهل، والعاص بن وائل، وأبيّ بن خلف، قال الرازي: والأولى تعميمه في كل المنكرين.

{لكل أمة} أي: في كل زمان {جعلنا منسكاً} قال ابن عباس: شريعة يتعبدن بها {هم ناسكوه} أي: عاملون بها، وروي عنه أنه قال: عيداً، وقال مجاهد وقتادة: موضع قربان يذبحون فيه، وقيل: موضع عبادة، وقرأ حمزة والكسائي: منسكاً، بكسر السين، والباقون بفتحها {فلا ينازعنك في الأمر} أي: أمر الذبائح، نزلت في بديل بن ورقاء، وبشر بن سفيان، ويزيد بن خنيس قالوا لأصحاب النبيّ: صلى الله عليه وسلم ما لكم تأكلون مما تقتلون، ولا تأكلون مما قتله الله تعالى؟ يعنون الميتة، وقال الزجاج: هو نهي له صلى الله عليه وسلم عن منازعتهم كما تقول: لا يضاربنك فلان أي: فلا تضاربه، وهذا جائز في الفعل الذي لا يكون إلا بين اثنين معناه لا تنازعهم أنت {وادع} أي: أوقع الدعوة لجميع الخلق {إلى ربك} المحسن إليك أي: إلى دينه، ثم علل ذلك بقوله: {إنك} مؤكداً له بحسب ما عندهم من الإنكار {لعلى هدى} أي: دين واضح {مستقيم} هو دين الإسلام.

{وإن جادلوك} أي: في أمر الدين بعد أنّ ظهر الحق ولزمت الحجة {فقل الله} أي: الملك المحيط بالعز والعلم {أعلم بما تعملون} من المجادلة الباطلة وغيرها، فيجازيكم عليه وهذا وعيد فيه رفق، وكان ذلك قبل الأمر بالقتال، ولما أمر الله تعالى بالإعراض عنهم، وكان

<<  <  ج: ص:  >  >>