السوء مثلها، قالوا: إذاً نكثر؟ قال: الله تعالى أكثر» ، وروي:«أنه يدعى بالمؤمن يوم القيامة حتى يوقفه الله تعالى بين يديه فيقول: عبدي فيقول: نعم يارب فيقول: إني أمرتك أن تدعوني ووعدتك أن أستجيب لك فهل كنت تدعوني؟ أما إنك لم تدعني بدعوة إلا استجبت لك أليس دعوتني يوم كذا وكذا لغمٍ نزل بك أن أفرج عنك ففرجت عنك؟ فيقول: نعم يا رب فيقول: إني عجلتها لك في الدنيا، ودعوتني يوم كذا وكذا لغمٍ نزل بك أن أفرج عنك فلم تر فرجاً؟ قال: نعم يارب فيقول: إني ادّخرت لك بها في الجنة كذا وكذا، ودعوتني في حاجة أقضيها لك في يوم كذا وكذا فقضيتها؟ فيقول: نعم يارب فيقول: إني عجلتها لك في الدنيا، ودعوتني يوم كذا وكذا في حاجة أقضيها لك فلم تر قضاءها؟ فيقول: نعم يارب، فيقول: إني ادخرت لك بها في الجنة كذا وكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يدع الله دعوة دعا بها عبده المؤمن إلا بين له، إما أن يكون عجل له في الدنيا وإما أن يكون ادخر له في الآخرة فيقول المؤمن في هذا المقام: يا ليته لم يكن عجل له شيء من دعائه» ، وروي:«لا تعجلوا في الدعاء فإنه لايهلك مع الدعاء أحد» ، وروي:«ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة» وروي: «يستجاب لأحدكم ما لم يعجل فيقول: دعوت فلم يستجب لي» ، وروي:«لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل قيل: يا رسول الله ما الإستعجال قال: يقول: قد دعوت فلم يستجب لي فيستحسر» أي: يمل عند ذلك ويدع الدعاء، فليدع الإنسان وهو موقن بالإجابة.
وقال محمد بن كعب القرظي: الطلب من الملائكة للمؤمنين سألوا ربهم للمؤمنين بقولهم {ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم} وقيل: إن المكلفين سألوها بلسان الحال؛ لأنهم لما تحملوا المشقة الشديدة في طاعة الله كان ذلك قائماً مقام السؤال، قال المتنبي:
*في النفس حاجات وفيك فطانة
... سكوتي كلام عندها وخطاب
ولما ذكر تعالى حالهم في نفسهم أتبعه ذكر حالهم مع معبوداتهم من دونه بقوله تعالى:
{ويوم} أي: واذكر لهم يوم {نحشرهم} أي: المشركين، وقرأ ابن كثير وحفص بالياء، والباقون بالنون، واختلف في المراد بقوله تعالى:{وما يعبدون من دون الله} أي: غيره فقال الأكثرون: من الملائكة والجن والمسيح وعزير وغيرهم، وقال عكرمة والضحاك والكلبي: من الأصنام، فقيل لهم: كيف يخاطب الله تعالى الجماد بقوله تعالى: {فيقول أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء} أي: أوقعتموهم في الضلال بأمركم إياهم بعبادتكم {أم هم ضلوا السبيل} أي: طريق الحق بأنفسهم، فأجابوا بوجهين:
أحدهما: أنه تعالى يخلق الحياة فيها ويخاطبها.
ثانيهما: أن يكون ذلك بالكلام النفساني لا بالقول اللساني بل بلسان الحال كما ذكره بعضهم في تسبيح الجماد وكلام الأيدي والأرجل، ويجوز أن يكون السؤال عاماً لهم جميعاً، فإن قيل: كيف صح استعمال ما في العقلاء؟ أجيب: على الأول: بأنه أريد به الوصف كأنه قيل: ومعبوديهم ألا تراك تقول إذا أردت السؤال عن صفة زيد: ما زيد تعني أطويل أم قصير، فقيه أم طبيب؟، وقال تعالى:{والسماء وما بناها}(الشمس، ٥)
{ولا أنتم عابدون ما أعبد}(الكافرون، ٣٠) ، وأما على القول الثاني: فواضح، وأما على القول الثالث: فغلب غير العاقل