وهي ست أو ثمان وثمانون آية، وسبعمائةواثنتان وثمانون كلمة، وثلاثة آلاف وتسعة وتسعون حرفاً
{بسم الله} المنزه عن كل شائبة نقص {الرحمن} الذي عم جوده سائر مخلوقاته {الرحيم} بمن خلقه، واختلف في تفسير قوله تعالى:
{ص} فقيل: قسم وقيل: هو اسم للسورة كما ذكرنا في سائر حروف التهجي في أوائل السور وقال محمد بن كعب القرظي: مفتاح اسمه الصمد وصادق الوعد، وقال الضحاك: معناه صدق الله، وروي عن ابن عباس: صدق محمد صلى الله عليه وسلم وقيل: معناه أن القرآن مركب من هذه الحروف وأنتم قادرون عليها ولستم قادرين على معارضته. {والقرآن} أي: الجامع مع البيان لكل خير {ذي الذكر} أي: الموعظة والتذكير وقال ابن عباس: ذي البيان، وقال الضحاك: ذي الشرف ودليله قوله تعالى: {وإنه لذكر لك ولقومك}(الزخرف: ٤٤) ، فإن قيل: هذا قسم فأين المقسم عليه؟ أجيب: بأنه محذوف تقديره: ما الأمر كما قال كفار مكة من تعدد الآلهة وقوله تعالى:
{بل الذين كفروا} أي: من أهل مكة إضراب انتقال من قصة إلى أخرى {في عزة} أي: حمية وتكبر عن الإيمان {وشقاق} أي: خلاف وعداوة للنبي صلى الله عليه وسلم والتنكير في عزة وشقاق للدلالة على شدتهما، وقيل: جواب القسم قد تقدم وهو قوله تعالى: {ص} أقسم الله تعالى بالقرآن أن محمد الصادق وقال الفراء: {ص} معناها وجب وحق فهو جواب قوله: {والقرآن} كما تقول: نزل والله، وقال الأخفش: قوله تعالى: {إن كل إلا كذب الرسل} وقال السدي: إن ذلك لحق تخاصم أهل النار، قال البغوي: وهذا ضعيف لأنه تخلل بين القسم وبين هذا الجواب أقاصيص وأخبار كثيرة وقال مجاهد: في عزة متعازين.
{كم} أي: كثيراً {أهلكنا من قبلهم} وأكد كثرتهم بقوله تعالى: {من قرن} أي: من أمة من الأمم الماضية كانوا في شقاق مثل شقاقهم.
تنبيه: كم مفعول أهلكنا، ومن قرن تمييز، ومن قبلهم لابتداء الغاية {فنادوا} أي: استغاثوا عند نزول العذاب وحلول النقمة وقيل: نادوا بالإيمان والتوبة {ولات} أي: وليس الحين {حين مناص} أي: منجى وفرار، قال ابن عباس: كان كفار مكة إذا قاتلوا فاضطروا في الحرب، قال بعضهم لبعض: مناص أي: اهربوا وخذوا حذركم، فلما نزل بهم العذاب ببدر قالوا: مناص، فأنزل الله تعالى ذلك، والمناص مصدر ناص ينوص إذا تقدم، ولات بمعنى: ليس بلغة أهل اليمن، وقال النحويون: هي لا زيدت فيها التاء كقولهم: رب وربت، وثم وثمت، وأصلها هاء وصلت بلا فقالوا: لات كما قالوا: ثمت ولا تعمل إلا في الأزمان خاصة نحو لات حين ولات أوان كقول الشاعر:
*طلبوا صلحنا ولات أوان ... فأجبنا أن ليس حين بقاء*
والأكثر حينئذ حذف مرفوعها فتقديره ولات الحين حين مناص، وقد يحذف المنصوب ويبقى المرفوع كقول القائل:
*من صد عن نيرانها ... فأنا ابن قيس لا براح*
أي: لا براح لي، ولما حكى تعالى عن الكفار كونهم في عزة وشقاق أتبعه بشرح كلماتهم الفاسدة بقوله تعالى:
{وعجبوا} أي: الكفار الذين ذكرهم الله تعالى في قوله سبحانه: {بل الذين كفروا في عزة وشقاق}{أن} أي: لأجل أن {جاءهم منذر} هو النبي صلى الله عليه وسلم وفي قوله تعالى: {منهم} وجهان أحدهما: أنهم قالوا أن محمداً مساو لنا في الخلقة الظاهرة والأخلاق الباطنية والنسب