وثمانون آية وألف ومائة وتسع وتسعون كلمة وأربع آلاف وتسعمائة وستون حرفاً
{بسم الله} الملك الأعظم الذي يعطي كلاً من عباده ما يستحقه فلا يقدر أحد أن يناقض في شيء من ذلك ولا يعارض. {الرحمن} الذي عمهم برحمته في الدنيا بالخلق والرزق والبيان الذي لا خفاء معه. {الرحيم} الذي يخص برحمته من يشاء من عباده فيجعله حكيماً وفي ملك الأرض وملكوت السموات عليماً. وقوله تعالى:
{حم} قرأه ابن ذكوان وشعبة وحمزة والكسائي بإمالة الحاء محضة، وورش وأبو عمرو بين بين والباقون بالفتح وقد سبق الكلام في حروف التهجي، وقال ابن عباس:{حم} اسم الله الأعظم وعنه قال: الر وحم ون حروف الرحمن مقطعة وقيل: حم اسم السورة، وقيل: الحاء افتتاح أسمائه حليم وحميد وحي وحكيم وحنان والميم افتتاح أسمائه ملك مجيد منان، وقال الضحاك والكسائي: معناه قضى ما هو كائن كأنهما أشارا إلى أن معنى حم: حم بضم الحاء وتشديد الميم، وهل يجوز أن يجمع حم على حواميم؟ نقل ابن الجوزي عن شيخه الجواليقي أنه خطأ وليس بصواب بل الصواب أن يقول: قرأت آل حم. وفي الحديث عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا وقعت في آل حم وقعت في روضات. وقال الكميت:
*وجدنا لكم في آل حم آية ... تأولها منا تقي ومعرب*
ومنهم من جوزه، وروي في ذلك أحاديث منها: قوله صلى الله عليه وسلم «الحواميم ديباج القرآن» . وقوله صلى الله عليه وسلم «الحواميم سبع وأبواب جهنم سبع جهنم والحطمة ولظى والسعير وسقر والهاوية والجحيم، فتجيء كل حم منهن يوم القيامة على باب من هذه الأبواب فتقول لا يدخل النار من كان يؤمن بي ويقرؤني» . وقوله صلى الله عليه وسلم «لكل شيء ثمرة وثمرة القرآن ذوات حم هن روضات حسان مخصبات متجاورات، فمن أحب أن يرتع في رياض الجنة فليقرأ الحواميم» . وقوله صلى الله عليه وسلم «الحواميم في القرآن كمثل الحبرات في الثياب» . وقال ابن عباس: لكل شيء لباب ولباب القرآن الحواميم، قال ابن عادل: فإن صحت هذه الأحاديث فهي الفصل في ذلك أي: فتدل على جواز الجمع، وقال البيضاوي في حم السجدة: ولعل افتتاح هذه السبع بحم وتسميتها به لكونها مصدرة بيان الكتاب متشاكلة في النظم والمعنى أي: أخذاً مما قيل إن حم اسم من أسماء القرآن وقوله تعالى:
{تنزيل الكتاب} أي: الجامع من الحدود والأحكام والمعارف والإكرام إما خبر لحم إن كانت مبتدأ، وإما خبر لمبتدأ مضمر وإما مبتدأ وخبره {من الله} أي: الجامع لجميع صفات الكمال، ولما كان النظر هنا من بين جميع الصفات إلى العزة والعلم أكثر لأجل أن المقام لإثبات الصدق وعداً ووعيداً قال تعالى:{العزيز} أي: في ملكه {العليم} بخلقه، فبين تعالى أنه بقدرته وعلمه أنزل القرآن الذي يتضمن المصالح والإعجاز ولولا كونه عزيزاً عالماً لما صح ذلك.
{غافر الذنب} أي: بتوبة وغير توبة للمؤمن إن شاء وأما الكافر فلا بد من توبته بالإسلام {وقابل التوب} أي: ممن عصاه وهو يحتمل أن يكون اسماً مفرداً مراداً به الجنس كالذنب وأن يكون جمعاً لتوبة كتمر وتمرة {شديد العقاب} أي: على الكافر، فإن قيل: إن شديد صفة مشبهة فإضافته غير محضة بكل حال بخلاف اسم الفاعل إذا لم يرد به الحال ولا الاستقبال