للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المرسلين عليهم السلام فأذن جبريل عليه السلام ثم أقام وقال: يا محمد تقدم فصل بهم، فلما فرغ من الصلاة قال له جبريل عليه السلام:

{واسأل من أرسلنا} أي: على ما لنا من العظمة {من قبلك من رسلنا اجعلنا من دون الرحمن} أي: غيره {آلهة يعبدون} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أسأل قد اكتفيت ولست شاكاً فيه. وهذا قول الزهري وسعيد بن جبير وأبي زيد: قالوا جمع له الرسل ليلة أسري به وأمر أن يسألهم فلم يسأل ولم يشك. وقال أكثر المفسرين: سل مؤمني أهل الكتاب الذين أرسلت إليهم الأنبياء عليهم السلام هل جاءتهم الرسل إلا بالتوحيد وهو قول مجاهد وقتادة والسدي، ولم يسأل النبي صلى الله عليه وسلم على واحد من القولين لأن المراد من الأمر بالسؤال التقرير لمشركي قريش أنه لم يأت رسول من الله تعالى ولا كتاب بعبادة غير الله تعالى.

ولما طعن كفار قريش في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وبكونه فقيراً معدماً عديم الجاه والمال بين الله تعالى أن موسى عليه السلام بعد أن أورد المعجزات القاهرة التي لا يشك في صحتها عاقل أورد عليه فرعون هذه الشبهة التي ذكرها كفار قريش فقال تعالى:

{ولقد أرسلنا} أي: بما ظهر من عظمتنا {موسى} أي: الذي كان يرى فرعون أنه أحق الناس بعظمته لأنه رباه وكفله {بآياتنا} التي قهر بها عظماء الخلق وبجابرتهم فدل ذلك على صحة دعواه {إلى فرعون} الذي ادعى أنه الرب الأعلى {وملائه} أي: القبط {فقال} أي: بسبب إرسالنا {إني رسول رب العالمين} أي: مالكهم ومدبرهم ومربيهم فقالوا له: ائت بآية فأتى بها.

{فلما جاءهم بآياتنا} أي: بآيتي اليد والعصا اللتين شاهدوا فيهما عظمتنا ودلهم ذلك على قدرتنا على جميع الآيات {إذا هم} أي: بأجمعهم {منها يضحكون} أي: فاجؤا المجيء بها من غير توقف ولا تأمل بالضحك سخرية واستهزاء، قيل: إنه لما ألقى عصاه صارت ثعباناً فلما أخذه وصار عصا كما كانت ضحكوا.

ولما أعرض عليهم اليد البيضاء ثم عادت كما كانت ضحكوا:

{وما} أي: والحال إنا ما {نريهم} على ما لنا من الجلال والعلو وأغرق في النفي بإثبات الجار فقال تعالى: {من آية} أي: من آيات العذاب كالطوفان وهو ماء دخل بيوتهم ووصل إلى حلوق الجالسين سبعة أيام والجراد وغير ذلك {الا هي أكبر} أي: في الرتبة {من أختها} أي: التي تقدمت عليها بالنسبة إلى علم الناظرين لها {وأخذناهم} أي: أخذ قهر وغلبة {بالعذاب} أي: أنواع العذاب كالدم والقمل والضفادع والبرد الكبار الذي لم يعهد مثله ملتهباً بالنار وموت الإبكار فكانت آيات على صدق موسى عليه السلام بما لها من الإعجاز، وعذاباً لهم في الدنيا موصولاً بعذاب الآخرة فيا لها من قدرة باهرة وحكمة ظاهرة {لعلهم يرجعون} أي: ليكون حالهم عندنا إذا نظرهم الجاهل بالعواقب حال من يرجى رجوعه.

{و} لما عاينوا العذاب {قالوا} لموسى أي: قال فرعون بالمباشرة وأتباعه بالموافقة له: {يا أيها الساحر} فنادوه بذلك في تلك الحالة لشدة شكيمتهم وفرط حماقتهم، أو لأنهم كانوا يسمون العالم الماهر ساحراً {ادع لنا ربك} أي: المحسن إليك بما يفعل معك من هذه الأفعال التي نهيتنا بها إكراماً لك {بما} أي: بسبب ما {عهد عندك} أي: من كشف العذاب عنا إن آمنا {إننا لمهتدون} أي: مؤمنون.

{فلما كشفنا} أي: على ما لنا من العظمة التي ترهب الجبال

<<  <  ج: ص:  >  >>