طلوع الشمس من مغربها، روى الشيخان عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون وذلك حين لا ينفع نفساً إيمانها» ثم قرأ الآية.
{أنى} أي: كيف ومن أين {لهم الذكرى} أي: هذا التذكر العظيم الذي وصفوا به أنفسهم، وقرأ حمزة والكسائي أنى بالإمالة محضة، وقرأ أبو عمرو بالإمالة بين بين، وورش بالفتح وبين اللفظين، والباقون بالفتح وأمال الذكرى محضة أبو عمرو وحمزة والكسائي، وأمال ورش بين بين، والباقون بالفتح وكذلك الكبري {وقد} أي: والحال أنه قد {جاءهم} ما هو أعظم من ذلك وأدخل في وجوب الطاعة {رسول مبين} أي: ظاهر غاية الظهور، وموضح غاية الإيضاح، وهو محمد صلى الله عليه وسلم وأظهر دال قد نافع وابن ذكوان وعاصم وأدغمها الباقون.
{ثم تولوا عنه} أي: أطاعوا ما دعاهم إلى الإدبار عنه من دواعي الهوى ونوازع الشهوات والحظوظ {وقالوا} أي: زيادة على إساءتهم بالتولي {معلم} أي: علمه غيره القرآن من البشر، قال بعضهم: علمه غلام أعجمي لبعض ثقيف، وقال آخرون: إنه {مجنون} أي: يلقي الجن إليه هذه الكلمات حال ما يعرض له الغشي.
{إنا} أي: على ما لنا من العظمة {كاشفو العذاب} أي: بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم فإنه دعا فرفع عنهم القحط {قليلاً} أي: زمناً يسيراً، قيل: إلى يوم بدر، وقيل: ما بقي من أعمارهم {إنكم عائدون} أي: ثابت عودكم عقب كشفنا عنكم إلى الكفران لما في جبلاتكم من العوج وطبائعكم من المبادرة إلى الزلل، فإيمانكم هذا الذي أخبرتم برسوخه عرض زائل وخيال باطل وقوله تعالى:
{يوم نبطش} أي: بما لنا من العظمة {البطشة الكبرى} أي: يوم بدر منصوب باذكر أو بدل من يوم تأتي، والبطش: الأخذ بقوة {إنا منتقمون} أي: منهم في ذلك اليوم وهو قول ابن عباس وأكثر العلماء وفي رواية عن ابن عباس: أنه يوم القيامة.
{ولقد فتنا} أي: اختبرنا بما لنا من العظمة فعل الفاتن وهو المختبر الذي يريد أن يعلم حقيقة الحال بالإبلاء والتمكين ثم الإرسال {قبلهم} أي: هؤلاء العرب ليكون ما مضى من خبرهم عبرة لهم {قوم فرعون} أي: مع فرعون لأن ما كان فتنة لقومه كان فتنة له لأن الكبير أرسخ في الفتنة بما أحاط به من الدنيا وسيأتي التصريح به في آخر القصة {وجاءهم} أي: فرعون وقومه زيادة في فتنتهم {رسول كريم} هو موسى عليه السلام قال الكلبي: كريم على ربه بمعنى أنه تعالى أعطاه أنواعاً كثيرة من الإكرام، وقال مقاتل: حسن الخلق، وقال الفراء: يقال فلان كريم قومه، قيل: ما بعث نبي إلا من أشراف قومه وأكرمهم ثم فسر ما بلغهم من الرسالة بقوله:
{أن أدوا إلي} ما أدعوكم إليه من الإيمان أي: أظهروا طاعتكم بالإيمان لي يا {عباد الله} أو أطلقوا بني إسرائيل ولا تعذبوهم وأرسلوهم معي كقوله {فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم}(طه: ٤٧)
{إني لكم} أي: خاصة بسبب ذلك {رسول} أي: من عند الله الذي لا تكون الرسالة الكاملة إلا منه {أمين} أي: بالغ الأمانة لأن الملك الديان لا يرسل إلا من كان كذلك وقوله عليه السلام:
{وأن لا تعلوا} معطوف على أنّ الأولى وأَنْ هذه مقطوعة في الرسم، والمعنى لا تتكبروا {على الله} تعالى بإهانة وحيه ورسوله {إني آتيكم بسلطان} أي: برهان {مبين} أي: بين على رسالتي فتوعدوه حين قال لهم ذلك بالرجم فقال: