في الصلوات فيكون لكلّ عرجة نزلة فرأى ربه في بعضها.
وروي عن ابن عباس أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم رأى ربه بفؤاده مرتين وعنه أنه رأى ربه بعينه وعلى أنّ المرئي هو الله تعالى فيكون قوله تعالى: {عند سدرة المنتهى} ظرفاً للرائي كما إذا قال القائل رأيت الهلال فيقال له: أين رأيته فيقول: على السطح، وقد يقول: عند الشجرة الفلانية، وأمّا قول من قال: بأنّ الله تعالى في مكان فذلك باطل، وإن قيل: بأنّ المرئي جبريل عليه السلام فظاهر.
الآية بأنه لا يلزم من الرؤية وجود الكلام حال الرؤية فيجوز وجود الرؤية من غير كلام، وبأنه عام مخصوص بما تقدّم من الأدلة.
وأمّا قوله صلى الله عليه وسلم «نور أنّى أراه» فقال الماوردي: الضمير في أراه عائد إلى الله تعالى ومعناه: إنه خالق النور المانع من رؤيته أي رؤية إحاطة كما مرّ إذ من المستحيل أن تكون ذات الله نوراً إذ النور من جملة الأجسام والله تعالى منزه عن ذلك فإن قيل: هلا قيل أفتمارونه على ما رأى بصيغة الماضي لأنهم إنما جادلوه حين أسري به فقالوا: صف لنا بيت المقدس وأخبرنا عن عيرنا في الطريق وغير ذلك مما جادلوه به وما الحكمة في إبرازه بصيغة المضارع أجيب: بأنّ التقدير أفتمارونه على ما يرى فكيف وهو قد رآه في السماء فماذا تقولون فيه.
والواو في قوله تعالى: {ولقد رآه} يحتمل أن تكون عاطفة ويحتمل أن تكون للحال أي: كيف تجادلونه فيما رآه وهو قد رآه {نزلة أخرى} على وجه لا شك فيه.
تنبيه: قوله تعالى: {نزلة} فعلة من النزول كجلسة من الجلوس فلا بدّ من نزول، واختلفوا في ذلك النزول. وفيه وجوه:
الأوّل: أنّ الضمير في رآه عائد إلى جبريل أي رأى جبريل نزلة أخرى أي رأى جبريل في صورته التي خلق عليها نازلاً من السماء مرّة أخرى وذلك أنه رآه في صورته مرتين مرة في الأرض ومرّة في السماء {عند سدرة المنتهى} قال الرازي: ويحتمل أن تكون النزلة لمحمد صلى الله عليه وسلم
الثاني: أن الضمير عائد إلى الله تعالى أي رأى الله نزلة أخرى، وهذا قول من قال في قوله تعالى: {ما كذب الفؤاد ما رأى} هو الله تعالى وقد قيل: إنّ النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه بقلبه مرتين وعلى هذا ففي النزول وجهان: أحدهما: قول من يجوز على الله الحركة من غير تشبيه. وثانيهما: أنّ نزوله بمعنى القرب بالرحمة والفضل، الثالث: أن محمداً رأى الله تعالى نزلة أخرى والمراد من النزلة: ضدّها وهي العرجة كأنه قال: رآه عرجة أخرى قال ابن عباس: نزلة أخرى هو أنه كان للنبيّ صلى الله عليه وسلم عرجات في تلك الليلة لمسألة التخفيف في الصلوات فيكون لكلّ عرجة نزلة فرأى ربه في بعضها.
وروي عن ابن عباس أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم رأى ربه بفؤاده مرتين وعنه أنه رأى ربه بعينه وعلى أنّ المرئي هو الله تعالى فيكون قوله تعالى: {عند سدرة المنتهى} ظرفاً للرائي كما إذا قال القائل رأيت الهلال فيقال له: أين رأيته فيقول: على السطح، وقد يقول: عند الشجرة الفلانية، وأمّا قول من قال: بأنّ الله تعالى في مكان فذلك باطل، وإن قيل: بأنّ المرئي جبريل عليه السلام فظاهر.
تنبيه: إضافة السدرة إلى المنتهى تحتمل وجوهاً:
أحدها: إضافة الشيء إلى مكانه كقولك أشجار بلدة كذا، فالمنتهى حينئذ موضع لا يتعدّاه ملك، قال هلال بن كيسان: سأل ابن عباس كعباً عن سدرة المنتهى وأنا حاضر فقال كعب: إنها سدرة في أصل العرش على رؤوس حملة العرش وإليها ينتهي علم الخلائق، وما خلفها غيب لا يعلمه إلا الله تعالى، وقيل: ينتهي إليها ما هبط من فوقها ويصعد من تحتها، وقال كعب: تنتهي إليها الملائكة والأنبياء، وقال الربيع: تنتهي إليها أرواح المؤمنين.
وثانيها: إضافة الملك إلى مالكه كقولك: دار زيد وشجر زيد وحينئذ المنتهى فيه محذوف تقديره سدرة المنتهى إليه قال الله تعالى: {إلى ربك المنتهى} (النجم: ٤٢)
فالمنتهى إليه هو الله تعالى وإضافة السدرة إليه حينئذ كإضافة البيت إليه للتشريف والعظيم، كما يقال في التسبيح يا غاية رغبتاه ويا منتهى أملاه.
وثالثها: إضافة المحل إلى الحال فيه كقولك كتاب الفقه وعلى هذا فالتقدير سدرة عندها منتهى العلوم فتتلقى هناك.
قال البقاعي: وذلك والله أعلم ليلة الإسراء في السنة الثالثة عشرة من النبوّة قبل الهجرة بقليل بعد أن ترقى في معارج الكمالات من السنين على عدد السموات وما بينها من المسافات فانتهى إلى منتهى سمع فيه صرير الأقلام.
وعظمها بقوله تعالى: {عندها} أي: السدرة {جنة المأوى} أي: التي لا مأوى في الحقيقة غيرها وهي الجنة التي وعدها المتقون كقوله تعالى: {دار المقامة} (فاطر: ٣٥)
وقيل هي جنة أخرى عندها تكون أرواح الشهداء تأوي إليها وقيل هي جنة الملائكة.
وقوله تعالى: {إذ} معمول لرأى أي: رأى من آيات ربه الكبرى حين {يغشى السدرة} وهي شجرة النبق وقوله تعالى: {ما يغشى} تعظيم وتكثير لما يغشاها واختلفوا فيما يغشاها فقيل: فراش أو جراد من ذهب وهو قول ابن عباس وابن مسعود والضحاك قال الرازي: وهذا ضعيف لأنّ ذلك لا يثبت إلا بدليل سمعي، فإن صح فيه خبر وإلا فلا وجه له ا. هـ. قال القرطبي ورواه ابن مسعود وابن عباس مرفوعاً إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم وقال أيضاً عن النبيّ صلى الله عليه وسلم إنه قال «رأيت السدرة يغشاها فراش من ذهب، ورأيت على كلّ ورقة ملكاً قائماً يسبح الله تعالى وذلك قوله عز من قائل: {إذ يغشى السدرة ما يغشى} » وقيل: ملائكة تغشاها كأنهم طيور يرتقون إليها متشوقين متبركين بها زائرين كما يزور الناس الكعبة وروي في حديث المعراج عن أنس أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ذهب بي إلى سدرة المنتهى وإذا ورقها كآذان الفيلة، وإذا ثمرها كقلال هجر قال: فلما غشيها من أمر الله تعالى ما غشي تغيرت فما أحد من خلق الله تعالى يقدر أن ينعتها من حسنها، فأوحى إلي ما أوحى ففرض علي خمسين صلاة في كل يوم وليلة» .
وقيل: يغشاها أنوار الله تعالى، لأنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم لما وصل إليها تجلى ربه لها كما تجلى للجبل